يشهر ذي فقاره عليها إن كان طالب ملك ، فإنه حائز عليه ، وإن كان طالب لشأن آخر من شؤونها ، فهو في قبضته ، فلماذا يحقرها ويصغرها في عيون الناس ، رجالا ونساءً ، عرب وغير عرب ، مسلمين وسواهم ، لذلك الوقت ولكل وقت.
تدلنا كلماته نحو الإجابة عن هذا التساؤل عند قوله :
« إنّما الدنيا منتهى بصر الأعمى ، لا يبصر مما ورائها شيئاً » (١).
وهذا هو عين الأمر الذي توقفنا عنده عندما أجرينا الموازنة بين الأعمى والبصير ، ويتبيّن لنا هذا أنه يشاق الدنيا ، لأنها في الواقع ضده ، أي إذا كانت الهداية التي فرضها الله تعالى في الناس قد تمثّلت بالكتاب والنبيّ والرسول والإمام ، فإنّ هؤلاء جميعاً هم امتدادها ، فهي العمى وهم البصيرة ، وهي الظلمات وهم النور ، ولا تستوي الظلمات ولا النور ، ومن هنا نفهم ذاك السبب الرئيسي الذي جعل من عليّ عليهالسلام ذاك النور الذي يصارع الظلمة ، ، « فالبصير منها شاخص ، والأعمى إليها شاخص » (٢).
وقد ترك رسول الله صلىاللهعليهوآله في الناس الثقلين ، كتاب الله وأهل بيته ، وقرنهم بأنّهم لن يفترقا إلى يوم القيامة ، كما أجمع على أن الهداية من الضلال تكمن في التمسك بهم ، عند قوله صلىاللهعليهوآله : « اني تركت فيكم ما
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٣٣.
٢ ـ المصدر نفسه.