بالزواجر فلم تستوسقوا » (١).
والسبل التي اجترحها الإمام في إعادة بناء النفس الإنسانية ، هي على تنوّعها وكثرتها فيما يظهر من كلامه ، لم تكن لتردع الناس عن التعلّق بالدنيا واتيان حياض الآخرة ، والذي يشفع في ذلك كلامه هنا وفي مواطن عديدة ، أنه بادرهم القول والفعل والنصيحة والمنحة والعطية ، مثلما بادرهم التهديد والتأديب والوعظ ، لكنّ أكثرهم لم يستقيموا ، ولم يتخذوا الدنيا مثلما صوّرها لهم ، حيث قال : « أيها الناس ، إنّ الدنيا تغرّ المؤمّل لها والمخلّد إليها ، ولا تنفس بمن نافس فيها (٢) ، وتغلب من غلب عليها » (٣).
بجميع ما حوت كلمات عليّ بن أبي طالب عليهالسلام من عظيم الموعظة ، ومسلك التربية ، وقوة الفؤاد ، وشدّة الخوف على العباد ، نعرف أن به يعرف وبرسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولا يعرف بسواهما ، اللهم إلاّ في امتداده في آل بيت النبوة ، وهو بحسب ما يرد في كلامه قد اتخذ للناس » الأمثال الصائبة ، والمواعظ الشافية ، لكن لو صادفت قلوباً زاكية ، واسماعاً واعية ، وآراء عازمة ، والباباً حازمة « ، وهو الذي
__________________
١ ـ المصدر نفسه.
٢ ـ أي لا تضن الدنيا بمن يباري غيره في اقتنائها وعدها من نفائسه ولا تحرص عليه بل تهلكه.
٣ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٧٨.