فإنه يواصل عنايته بهم ، مفوضاً من الله تعالى في اعلامهم ما يفوتهم ، وحاملا متابعة رسالات ربه ، يعظ مثلما وعظ المرسلون الأولون ، ويؤدي ما أدت الأوصياء من بعدهم ، يعلم من هو وما هو ، ويعلّمهم أن يقفوا في هذا الأمر موقف العارف له ، في كل مرة نستمع إلى خطابه الذي يؤكد أنه ليس من العاديين في الناس ، أو من عامة الخطباء أو الساسة ، إنما تولّى منصب الهداية لا عن ملك انتزعه ، ولا عن دولة أقامها فتسلّط بالسيف على رقاب الناس ، إنما بالهداية الإلهية المحمدية.
نلحظ كلماته هنا في تبليغ واجبه ، والإعلان عن حقيقته ، يقول :
« إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بهم أممهم ، وأدّيت إليكم ما أدّت الأوصياء إلى من بعدهم » (١).
وفي هذا القول ما يجعل القلب يجول ببصره أنحاء مفرداته ، فيستمع إلى روح الشفقة التي يحملها ، وثقل المهمة التي يقوم بها.
لكن الناس كعادتهم مع كل نبيّ أو هاد ، يسومونه غاية التعب ، ولا يشفقون على كينونته ، رغم عدم احتياجه لهذا ، لكن ( هل جزاء الإحسان إلاّ الإحسان ) (٢).
يتابع قائلا عليهالسلام : « وأدبتكم بسوطي فلم تستقيموا ، وحدوتكم
__________________
١ ـ المصدر نفسه.
٢ ـ الرحمن : ٦٠.