يستقيم أمر دين محمد صلىاللهعليهوآله ، الذي أفنى من أجل ارضاء ربّه به عمره منذ بدء خلقه حتى لقيّ وجهه شهيداً مخضباً بدمائه.
ودلالات خوفه على أمّة محمد صلىاللهعليهوآله وسائر الناس لا تخفى على أحد ، منصف كان أم غير ذلك ، إنما لا يطلب الإمام أجراً جراء أدائه مهام هداية البشرية ، ومعلوم أنه يريد للناس الحياة التي بها ينعمون بآخرة لا يغشون فيها ما وعد الله الظالمين ، بل طريقاً مهدتها الرسل ، وأعدها خاتمهم وأمسك بها وصية عليهم جميعاً أفضل الصلوات من الله تعالى.
يواصل تحفيز أناس للرهبة من مقام ربهم ، لما في هذه الرهبة من رفاه لهم ، فيقول عليهالسلام :
« أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ألبسكم الرياش ، واسبغ عليكم المعاش ، فلو أن أحداً يجد إلى البقاء سلّماً ، وإلى دفع الموت سبيلا ، لكان ذلك سليمان بن داود عليهالسلام ، الذي سخّر له ملك الجنّ والإنس مع النبوّة وعظيم الزلفة ، فلما استوفى طعمته ، واستكمل مدّته ، رمته قِسيُّ الفناء بنبال الموت ، وأصبحت الديار منه خالية » (١).
إذاً لا طائل من التمسّك بحبال الدنيا ، فإن العبرة بالذين انصرفوا لا تخفى ، أو يجب أن لا تخفى ، حتى لا يستغرق الإنسان بالخديعة التي تمدد أطرافها نحوه الدنيا ، وكي لا يفوت الناس واعز الهداية ،
__________________
١ ـ نهج البلاغة : الخطبة ١٨٢.