الكوني الذي يهدد داخله ولا يفصح له عن لغة يصور بها الحالة التي هو عليها ، لكن الكلام الآتي للإمام عليّ عليهالسلام يمكننا من التقاط خيط هذه المعرفة.
يقول عليهالسلام : « فبعث فيهم رسله ، وواتر إليهم أنبياءه ( ليستأدوهم ميثاق فطرته ) ، ويذكروهم منسيّ نعمته » (١) ، إن ما بين القوسين هنا يشير إلى أن الأنموذج البشري جميعاً وهو الذي يمتلك خاصيات مشتركة تؤهله لأن يبلغ مراتب المعرفة ، ويزيح عن ذاته براقع النسيان ، ومن المعروف في علم النفس أنّ ثمّة مصطلح يستخدم للتدليل على أنّ الناس يتوارثون الذكريات ، إضافة إلى عناصر الميراث الأُخرى فيما يطلق عليه اسم ( الذاكرة السلالية ) ، وعند الرجوع إلى مراحل نمو البشر الحضارية ، فإن الآثار تشير إلى أن التدين من الأُمور الثابتة في حياة الأمم ، ولا نقصد هنا التدين أي الالتزام بنسق ديني واحد ، لا حياد عنه وإنما المعروف أن للشعوب عقائد وعبادات وطرائق في التعبير عن ميولها الدينية لم تفارقها منذ أوائل ظهور الحياة.
وقد سبق وأشرنا إلى مقولة الإمام عليّ عليهالسلام في أولية الدين ، وهو يشير إلى كل أولية دينية ، أي معرفة الله ، وقلنا : أن هذا الكلام ينسحب على أي دين أو عقيدة ، ترتكز في فكرتها على « الله » ، وهذا
__________________
١ ـ المصدر نفسه.