متوفر في الأثر البشري ، مثلما يدلّل عليه كلامه عليهالسلام.
ويدلّل عليه بالدرجة الأولى قوله تعالى : ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ) (١) والذي يفهم منها أن العهد الأوّل للإنسان ، هو عهد الفطرة التي لا اختلاف بين البشر حولها ، ومع تقادم الأزمنة وتباعد الأيام ، اختلف الناس تدريجياً إلى أن بلغوا من الاختلاف مبلغاً احتاجوا معه إلى تدخل العون الإلهي فزوّد الله رسله بالكتاب الذي يفصل بينهم فيما اختلفوا فيه ، لكن الاختلاف بعد قيامه ، أصبح يلبس لباس الاستمرار ، وصار الإنسان أو قسم من بني الإنسان إلى النسيان ، وإلى ما يحجب بينه وبين ميثاقه ، بينه وبين فطرة الله التي فُطر عليها. وقسم آخر استجاب لداعي الرحمة ، فمنّ الله عليه بالثبات على عهده بحسب ما تفيد متابعة الآية الشريفة ، وما يواصله الإمام عليّ عليهالسلام من كشف حولها حين يقول الإمام علي عليهالسلام : « لمّا بدّل أكثر خلقه عهد الله إليهم ، فجهلوا حقه ، واتخذوا الأنداد معه ، واجتالتهم الشياطين عن معرفته ، واقتطعتهم عن عبادته ، فبعث فيهم رسله » (٢) ، وفي الجمع والتأمل ، بين قوله تعالى في الآية الآنفة وبين ما جاء به الإمام علي عليهالسلام حول التفصيل في ذات الغرض ، ونلاحظ استمرار الإرث البشري الذاكراتي وتقلبه
__________________
١ ـ البقرة : ٢١٣.
٢ ـ انظر نهج البلاغة : الخطبة ١.