ومعرفة أغوار الأشياء ، ويمكن أن نجمله هنا بمصطلح ( النفس ) الذي يرسل إليها الخطاب القرآني ، ومجمل أنواع المخاطبات الإنسانية ، أي تلك القوة العاقلة التي تتمتع بالفهم والفكر والمشاعر ، وهذه القوة لا مجال لمعرفتها أو التعرف عليها عبر الأدوات التي تختبر بها القوانين والأنظمة ، كالكيمياء والطاقة والتشريح وما إلى ذلك ، لا لأنّها ليست حقيقة ملموسة ، بل على العكس يمكن أن تكون هي الحقيقة الأشد نصاعة بين جملة أشياء هذا الكون ، لقدرتها على التأمل والخلق وترتيب المقدمات التي توصل إلى نتائج.
يقول عالم الأحياء « أدلوف بورتمان » : « ما من كمية من البحث على النسق الفيزيائي أو الكيميائي ، يمكنها أن تقدم لنا صورة كاملة للعمليات النفسية والروحية والفكرية » (١).
ومن خلال ما تقدم تبين لنا ، أن هذا الجوهر الإنساني لا يخضع في حركته الفكرية لأية سلطة ، أو لا توجد هنالك من سلطة تمنعه من البحث الدائم ، الذي لا ينفك محاولاً الإحاطة بكل تفاصيل الوجود ، عاملاً على إخضاعها لمتطلباته ، أو باحثاً عن فك رموزها.
هذا ما يؤكده عمل الإنسان المبكر على إنشاء علائق تقوم ما بينه وبين الموجودات الشاخصة أمامه ، بل تحرك الإنسان أعمق من
__________________
١ ـ العلم من منظوره الجديد ، روبرت اغروس ، جورج ستانسيو ، ت : كمال خلايلي ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد ١٣٤ ، ص٤٢ ـ ٤٣.