ذلك وذهب نحو الماهيات وجرّد الأشياء من الأطراف الزوائد التي تلحق بها ليصل إلى اللب ، أو ليبحث عن الخالد ، ولا يعبأ كثيراً بالآيل إلى الزوال.
والذي يدفع الإنسان نحو هذا المنهج ، هو شغف أزلي يسوقه نحو معرفة بدايته ونهايته ، ويُجري أعماله على خلق ظروف ومناخات تلائم المراحل التي يقطعها ما بين هذه البداية التي يحياها ، وتلك النهاية التي ينحصر ختام تجربته فوق التراب بها ، بجميع ما يشوبها من الغموض ، وما ينتظره فيها من المجهول.
وبمناسبة هذا المجهول ، فإننا نعطف هنا على أن التعلق والحنين والبحث عن المجهول بالنسبة للنوع الإنساني ، هو أمر له علاقة ذات حدّين :
الحدّ الأوّل : هو الذي يخضع للتساؤلات عن المنشأ والولادة والبداية.
الحدّ الثاني : هو الذي تجري عليه جميع اختبارات عمره في طريق بلوغه النهاية التي حتمت عليه ، وهو يعرفها لكنّه يغض الطرف عنها.
والوازع والهاتف الداخلي الذي يحفز الإنسان على المعرفة يرتبط بشكل وثيق بالحدّ الثاني ، حدّ معرفة مجهول النهاية ، وذلك لما يتعلق به في مسيرته الحياتية من آمال تجعله لا يرغب