ويجدر بي هنا أن أورد هذا المقتبس الذي يشير بوضوح إلى أنّ هذه الآية ومجمل الخطاب القرآني إلى بشر لم يستمعوا يقيناً إلى داعي الرحمة الإلهية ، واستأثروا بتراث آبائهم وأجدادهم ، دون عناء الفحص عن علم والتدقيق عن معرفة ، يلفتون النظر إلى أنه ليس كل ما يكسبه المرء من تعاليم هي بالضرورة مقدسة ، بخاصة تلك التي تصبح مع التقادم نظاماً ، أو قانوناً ، أو قيمة من القيم الاجتماعية.
والمقتبس من خطبة لأحد زعماء الهنود الحمر في أمريكا الشمالية ، وهو يعبر بشدّة ووضوح عن فقدان العدد الأوفر من الهنود الحمر ، نتيجة لاعتقادهم بأشياء يصعب الثبات عليها ، عندما تقتضي الضرورة الحفاظ على الإنسان ، حتى وإن كانت تلك الأشياء مقدّسة لا يجب المساس بها ، نستمع هنا إلى كلمات زعيم « دواميش chief eattie » والتي قالها أمام ممثل الحكومة الأمريكية سنة ١٨٥٨.
« يخبرنا الزعيم الأبيض أن ( الزعيم الكبير ) (١) في واشنطن يهدينا تحيات الصداقة والمشاعر الطيبة ، وذلك لطف منه ، فنحن من جهتنا أدرى بأن حاجته إلى صداقتنا ليست ماسة ، شعبه وافر العدد ، وأشبه بالعشب الذي يكسو البراري ، أما شعبي فقليل عديده ، أشبه بشجيرات مبعثرة في برية تنتهبها العاصفة.
لن أسهب في الحديث عن اندثارنا قبل الآوان ، ولن اندب ،
__________________
١ ـ رئيس الولايات المتّحدة الأمريكية.