وقد التفت إلى هذه الظاهرة العلماء ، وعلماء الاجتماع بالخصوص ، ويمكن أن ننظر إلى عالم اجتماع عربي بكّر في تشخيص مثل هذا الأمر.
يقول الرحّالة وعالم الاجتماع « ابن بطوطة » (١) : « إن المجتمع مسرح لطائفتين من الظواهر :
الطائفة الأولى : هي الظواهر الطبيعية ، والمجتمع بصدد هذه الظواهر لا يخلقها ولا ينشئها ، ولكن يجدها مستقلة بطبيعتها.
والطائفة الثانية : هي الظواهر الاجتماعية ، والمجتمع بصدد هذه الظواهر يخلقها خلقاً وينشئها انشاءاً ، وهي لا توجد منفصلة ، بل تكون متماسكة الأجزاء ، ووحدة حية تتفاعل عناصرها ، وتشتبك آثارها ، فينتج عن ذلك ما نسميه بالدوافع والتيارات الاجتماعية » (٢).
وإذا دار البحث حول الإنسان والمجتمع ، فذلك لقراءة البناء النفسي الذي يربط المرء بالعالم ، ويربطه بذاته أيضاً ، هذه الذات التي تشغل مساحة وجوده وهي التي تتمكن من معرفة الخيط الذي
__________________
١ ـ ابن بطوطة ، محمد بن إبراهيم الطنجي ( ١٣٠٢ ـ ١٣٧٧ ) من الذين بكّروا في دراسات المجتمع ، وله أسفار كثيرة ، دوّن بعد أسفار دامت ثلاثين عاماً كتاباً ضمنه خلاصتها أسماه ( تحفة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ).
٢ ـ معجم علم الاجتماع ، دينكن ميتشل د : إحسان الحسن ط٢ ، دار الطليعة ـ بيروت ١٩٨٦ ص١١٦.