المعارف » (١) ، وللباقر عليهالسلام : « لا معرفة كمعرفتك بنفسك » (٢).
ونجمل جميع هذه الأقوال تحت قوله عليهالسلام : « ومن عرف نفسه ، فقد انتهى إلى غاية كل معرفة وعلم » (٣) ، ولن نحتاج إلى توضيح بعد هذا ، فإن الغاية من وراء كل معرفة ومن وراء كل علم ، هي شعور المرء بأنّه كامل من جميع جوانب الكمال ولا نزيد على ذلك ، ولابد أنّ الكمال غاية لا مزيد وراءها ، وإنّ بلوغه بالمعرفة لا يتحقق سوى بالإمام ، وإذا عطفنا كلامنا هنا على خطبة الإمام عليّ عليهالسلام التي يأتي منها : « أول الدين معرفته ـ أي الله ـ » (٤) سوف نجد تلازماً ضرورياً ، بين : « من عرف نفسه فقد عرف ربه » وبين « أول الدين معرفة الله ».
إنّ هذا التلازم يلتقي بالدقة عند منطقة الفطرة ، لأنّها المكان الذي يجتمع فيه العلم الأوّل الذي تنزع نحوه الحاجات والميول ، فالمراد أنّ المعرفة كامنة في جوهر النفس ، وأنّ جميع الأعمال الجارية من أجل أصلاحها وهدايتها ، هي سائرة نحو هذا المتجه ، وإنّ الذي ينبغي أن تبذل من أجله كلّ جهود المعرفة ، هو أين تجد ملاذها ، وتطمئن الاطمئنان كله ، وإذا بلغت بنا النتائج هذا المكان ، وقيل أين هو؟ أو في أي جهة أو طريق ينبغي أن تتجه بنا الآليات المعرفية
__________________
١ ـ أنظر غرر الحكم للآمدي : ٩٨٦٥.
٢ ـ أنظر تحف العقول لابن شعبة : ٢٨٦ ، بحار الأنوار للمجلسي : ٧٥ / ١٦٥.
٣ ـ غرر الحكم للآمدي : ٨٩٤٩.
٤ ـ انظر : نهج البلاغة : الخطبة الأُولى.