الجهد للاستحواذ عليها ، وعدم بذله موجب للضلالة ، وفيه قوله تعالى : ( ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون ) (١) فالربط القرآني بين الهداية وبين الخسران ربط يدفع إلى التأمل!
فمن المعروف أن الله سبحانه عادل ، وليس من العدل أن يمنح الهداية بأمر منه لهذا الإنسان ويحجبها عن ذاك ، وبالتالي فإنّ البحث والدأب وراء سمو الغاية ، والجد من ورائه هو مسلك موصل لا محالة إلى الهداية ، التي ترتبط بسبب موضوعي أوجده الله سبحانه وجعله في الإمام ، ونجد إشارات القرآن الكريم إلى ذلك في غير مكان.
نأخذ مثلاً قوله تعالى : ( وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) (٢) ، فمن بعض خلقه خلق سبحانه الهداة ، وهذا البعض متزامن مع خلق سائر إلى منتهاه ، وهم بينون واضحون غير خافين خفاءً يمنع الباحث من الوصول إليهم ، وفوق ذلك فهم يباشرون الناس دعوتهم إلى الحق ، وما هو هذا الحق الذي تهدي إليه هذه الأمة؟ ومن هي هذه الأمة؟
دعونا أولاً ننظر في جنبات الحق ، فالحق هو ضدّ الباطل وكل ما هو باطل غير قادر على الاقتراب من مقام الحق ، ومن الباطل
__________________
١ ـ الأعراف : ١٧٨.
٢ ـ الأعراف : ١٨١.