فالذين استجابوا لداعي الله ، وكانت فطرتهم قد اتخذت لها ملجأ نَحو ملاذها ـ أي إمامها ـ وبلغت درجة الإيمان ، فإنّ القرآن الكريم يحاكي هذه الفطرة ، يحاكي هذا الإنسان ذا اللب الفطن ، بخطاب النصرة ، أي ترتبط الولاية بالتأييد والنصرة والمعاضدة.
فإنّ الله هو الولي ، وهو النصير الذي لا يوجد سواه ناصر عند الملجأ ، وهو ولي الذين آمنوا بالنظر إلى كونهم يتمتعون بهذا الحق الممنوح لهم من قبله تعالى ، وفضلاً عن هذا ، فإنّ الله سبحانه منح رسوله محمد صلىاللهعليهوآله ولاية المؤمنين على أنفسهم ، بل جعله أولى بهم منها ، وهو قوله : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) (١) ، أي أحق منهم بولايتهم على أنفسهم.
فثمة إطلاق ولاية أمر المؤمنين بمعناه الشمولي ، أي بكل دقيق من دقائقه وبكل تفصيل من تفاصيله ، وجعله بيد الرسول صلىاللهعليهوآله حيث مكّنه من الولاية على نفوسهم ، وجعلها أفضل من ولايتهم هم أنفسهم عليها.
وفي جميع هذه الحالات ، نرى أنّ القرآن الكريم يشير إلى المؤمنين بشي من التخصيص ، أي إلى أولئك الذين يبلغ إيمانهم تلك الدرجة الرفيعة التي تؤهلهم لأن يجعلوا ولاية أنفسهم بيد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهذا ليس لعامة من آمن فيما يفهم ، إذ أن القضية ذات عمق
__________________
١ ـ الأحزاب : ٦.