ورسولَه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتفاني في حبّهما ، وضحّى في سبيلها ، وكان من الفائزين ، وهؤلاء يمثّلون الأقلية وقد سمّاهم القرآن : ( الشَّاكِرِينَ ).
٢ ـ قسمٌ آمن بالله وبرسوله صلىاللهعليهوآله ظاهرياً ولكنّ قلبه فيه مرض ، فلم يسلم أمره إلاّ لمصلحته الشخصيّة ومنافعه الدنيوية ، فهو يعارض الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في أحكامه وأوامره ، ويقدّم بين يدي الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان من الخاسرين ، وهؤلاء يمثّلون الأكثرية ، وقد عبّر عنهم القرآن بأوجز تعبير ، إذ يقول عزّ وجل : ( لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالحَقِّ وَلَكِنَّ أكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (١).
فالباحث يكتشفُ أنّ هؤلاء ( الأكثرية ) كانوا في حياة النبي صلىاللهعليهوآله يعيشون معه ، ويصلّون خلفه ، ويصحبونه في حلّه وترحاله ، ويتقرّبون إليه بكلّ وسيلة لئلاّ ينكشف أمرهم للمؤمنين المخلصين ، ويحاولون جهدهم أن يظهروا بمظهر يغبطهم عليه المؤمنون; لكثرة تعبّدهم وورعهم في أعين الناس (٢).
فإذا كان هذا حالهم في حياة النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكيف أصبحوا بعد وفاته؟ لا شكّ بأنّهم نشطوا وتكاثَروا ، وازداد تستّرهم وتمثيلهم ، فلم يعد هناك نبىٌّ يعرفهم ، ولا وحىٌ يفضحُهم ، وخصوصاً وقد ظهرت بموته صلىاللهعليهوآلهوسلم بوادر
____________
(١) الزخرف : ٧٨.
(٢) أخرج أبو يعلى في مسنده ١ : ٩٠ ، وابن حجر في إصابته ٢ : ٣٤١ في ترجمة ذي الثدية عن أنس بن مالك ، قال : كان في عهد رسول الله رجلٌ يعجبنا تعبّده واجتهاده ، وقد ذكرنا ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم باسمه فلم يعرفه ، فوصفناه بصفته فلم يعرفه ، فبينما نحن نذكره إذ طلع الرجلُ ، قلنا : هو ذا! قال رسول الله : إنكم تخبروني عن رجل إنّ في وجهه لسعفةٌ من الشيطان ، إنّ هذا وأصحابه يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرميّة ، أقتلُوهم فهم شرّ البريّة. ( المؤلف ).