الشقاق والافتراق من أهل المدينة الذين مردوا على النفاق ، وكذلك ارتداد العرب في شبه الجزيرة الذين هم أشـدّ كفـراً ونفاقاً ، ومنهم من ادّعى النبوّة كمسيلمة الكذاب ، وطليحة ، وسجاح بنت الحرث وأتباعهم ، وكلّ هؤلاء كانوا من الصّحابة (١).
____________
(١) طليحة بن خويلد ، اتفق المترجمون للصحابة على أنّه صحابي أسلم سنة تسع للهجرة ، ثمّ ارتد ، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ١ : ٣١٦ : « طليحة بن خويلد ابن نوفل الأسدي البطل الكرار صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .. أسلم سنة تسع ثمّ ارتد وظلم نفسه ، وتنبأ بنجد ، وتمت له حروب مع المسلمين ثمّ انهزم وخذل ولحق بآل جفنة الغسانيين بالشام ثمّ ارعوى وأسلم .. وأحرم بالحج فلمّا رآه عمر قال : يا طليحة لا أحبك بعد قتلك عكاشة بن محض وثابت بن أقرم .. » ، وراجع أيضاً أُسد الغابة ٣ : ٩٥ ، العبر ١ : ٢٦ ، الإصابة ٥ : ٢٤٣ وغيرها.
فهذا صحابي ارتدّ بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتنبأ ، وقتل الصحابة منهم عكاشة وثابت ، حتى إن عمر بن الخطاب يكره رؤيته لفعله الشنيع ، وعلى ذلك هناك سؤالان لصاحب كتاب « كشف الجاني » وغيره وهما :
(١) إنّكم تدّعون بأنّه لم يرتدّ صحابي بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عقيب ذكركم لحديث الحوض ، فهل هذا الشخص من الصحابة أم أنّه لم يرتد؟!
(٢) تقولون بأنّ الصحابة عدول وقد رضي الله عنهم جميعاً ، ثمّ تقولون : بأنّ رضى الله لا يتعقبه سخط ، فلا يمكن أن يرضى الله عن الصحابة ـ مثلا ـ ثمّ يغضب عليهم ، فهنا نسأل : هل هذا الصحابي ـ وهو طليحة ـ حينما ارتدّ وتنبأ وقتل بعض الصحابة ، هل أنّ الله كان راضياً عنه لأنّه صحابي ، أم أنّه كان غاضباً عليه لأفعاله الشنيعة؟!
وأمّا سجاح بنت الحارث ، فقد عدّها ابن حجر في الإصابة ٨ : ١٩٨ من الصحابة ، وهي أيضاً ارتدّت وتنبأت. وبهذا يبطل كلام صاحب « كشف الجاني » : ١٣٣ في نفيه لصحبتها وتكذيب المؤلّف ، دفعاً للحجة باللغو والكلام بغير علم ، وتقليداً