الكَذِبَ إنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ) (١).
وليسَ للجاهِلِ أن يتقلّدَ منصب الخلافة لقيادة أُمّة بأكملها ، قال تعالى : ( أفَمَنْ يَهْدِي إلَى الحَقِّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ أمَّنْ لا يَهِدِّي إلا أنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢).
وإمّا أنّه لا يجهل النّصوص ويَعرفُها ، ولكنّه يتعمّد الاجتهاد لمصلحة اقتضاها الحال حسب رأيه الشخصي ، لا يعد أهل السنّة هذا كفراً ومروقاً ، كما لابدّ أن يكون جاهلا بوجود من يعرف الأحكام الصحيحة من معاصريه ، وهذا باطل لمعرفته بإلمام علي عليهالسلام بالكتاب والسنّة إلماماً تاماً ، وإلاّ لما استفتاه في كثير من المعضلات حتى قال فيه : « لولا علي لهلك عمر » (٣) ، فلماذا يا تُرى لم يستفته في المسائل التي اجتهد فيها برأيه الذي يعرف قصوره؟
وأعتقد بأنّ المسلمين الأحرار يوافقون على هذا; لأنّ هذا النوع من الاجتهاد هو الذي أفسد العقيدة ، وأفسد الأحكام وعطّلها ، وتسبّب في اختلاف علماء الأُمّة ، وتفريقها إلى الفرق والمذاهب المتعدّدة ، ومن ثمّ النزاع والخصام ، فالفشل وذهاب الرّيح والتخلّف المادّي والروحي.
ولنا أن نتصوّر حتّى بوجود أبي بكر وعمر على منصّة الخلافة وإزاحة
____________
(١) النحل : ١١٦.
(٢) يونس : ٣٥.
(٣) تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة : ١٥٢ ، فيض القدير للمناوي ٤ : ٤٧٠ ، المناقب للخوارزمي : ٨١ ، ذخائر العقبى : ٨٢ ، نظم درر السمطين : ١٣٠ ، ينابيع المودة ١ : ٢١٦.