بفكره فهو ليس معصوم ، ولذلك كان الصّحابة يسألونه في كلّ أمر : هل هو من عنده أم من عند الله؟ فإذا قال : هو من عند الله ، امتثلوا بدون نقاش ، وإذا قال : هو من عندي ، عند ذلك يُناقشونه ويجادلونه وينصحونه ، ويتقبّل نصائحهم وآراءهم ، وقد ينزل القرآن أحياناً موافقاً لآراء بعض الصّحابة ومُخالفاً لرأيه ، كما في قضيّة أسرى بدر ، وقضايا أُخرى مشهورة.
وحاولتُ بدوري إقناعهُ ولكن بدون جدوى; لأنّ علماء أهل السنّة والجماعة مقتنعون بذلك ، وصحاحُهم مشحونةٌ بمثل هذه الرّوايات التي تَخدِش في عصمة الرّسول ، وتجعل منه شخصاً أقلّ مستوى من الرّجل الذكي ، أو القائد العسكري ، أو حتى شيخ الطريقة عند الصوفية.
ولست مبالغاً إذا قلت : أقلَّ مستوى حتى من الرجل العادي ، فإذا ما قرأنا بعض الرّوايات في صحاح أهل السنّة والجماعة ، يتبينُ لنا بوضوح إلى أيّ مدى وصل التأثير الأموي في عقول المسلمين من عهدهم ، وبقيتْ آثاره حتى يوم الناس هذا.
وإذا ما بحثنا الغرض أو الهدف من ذلك ، فسوف نخرجُ بنتيجة حتمية ومُرّة ، ألا وهي : إنّ أُولئك الّذين حكموا المسلمين في عهد الدولة الأموية ، وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان ، لم يعتقدوا يوماً من الأيّام بأنّ محمّداً ابن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هو مبعوث برسالة من عند الله أو هو نبىّ الله حقّاً.
وأغلب الظن أنّهم كانوا يعتقدون بأنّه كان سَاحِراً (١) ، وقد تغلّب على
____________
(١) قال الدكتور الرحيلي في كتابه « الانتصار للصحب والآل » ص١٧٥ تعليقاً