فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولو أنّ الله لم يقصف عمره لتمكّن ذلك الوغد اللئيم من القضاء على الإسلام والمسلمين. والذي يهمّنا في هذا البحث هو الكشف عن عقيدته هو الآخر ، كما كشفنا عن عقيدة أبيه وجدّه.
فقد حدّث المؤرخون أنّه بعد وقعة الحرّة المشؤومة ، وقتل عشرة آلاف من خيرة المسلمين سوى النساء والصبيان ، وأفتضّ فيها نحو ألف بكر ، وحبلتْ ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج ، ثمّ بايع من بقيَ من النّاس على أنّهم عبيد ليزيد ومن امتنع قتل ، ولمّا بلغ يزيد خبر تلك الجرائم والمآسي التي يندى لها الجبين ، ولم يشهد لها التاريخ مثيلا حتى عند المغول والتتار وحتى عند الإسرائيليين فرح بذلك وأظهر الشماتة بنبىّ الإسلام ، وتمثّل بقول ابن الزبعّرى الّذي أنشده بعد موقعة أحد قائلا :
ليتَ أشياخي ببدر شهدوا |
|
جزع الخزرج من وقع الأسلْ |
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً |
|
ثمّ قالوا : يا يزيد لا تشلْ |
قد قتلنا القرم من ساداتهم |
|
وعدلنا ميل بدر فاعتدلْ |
لست من خندف إن لم أنتقم |
|
من بني أحمد ما كان فعلْ |
لعبت هاشم بالملك فلا |
|
خبرٌ جاء ولا وحىٌ نزلْ (١) |
____________
(١) أنظر : تاريخ الطبري ٨ : ١٨٧ ، الأخبار الطوال للدينوري : ٢٦٧ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٥ : ١٧٨ ، وقال ابن كثير في البداية ٨ : ١٥٥ : « ثم أباح مسلم بن عقبة الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة ـ قبّحه الله من شيخ سوء ما أجهله ـ المدينة ثلاثة أيام كما أمره يزيد ـ لا جزاه الله خيراً ـ ، وقتل خلقاً من