طالب عليهالسلام ، ويأمروا الناس بلعنه في كلّ الأقطار (١) ، وهم لا يقصدون بذلك غير لعن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، فلا يحرّك منهم أحدٌ ساكناً ، ومن امتنع قُتِلَ وصُلب ومُثّل به.
ووصل الأمر بأُمراء المؤمنين أن يتجاهروا بشرب الخمر ، والزنا ، واللهو بالطرب والغناء ، والرقص و .. و .. وحدّث ولا حرج!
فإذا كان أمرُ الأُمّة الإسلاميّة قد وصل إلى هذا الحدّ من الانحطاط في الأخلاق والذلّ والاستكانة ، فلا بدّ أنّ هناك عوامل أثّرتْ في عقيدتها ، وهذا ما يهمّنا في هذا البحث; لأنّه يتعلّق بموضوع العصمة وشخصية الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأوّل ما يُلفتُ انتباهنا هنا هو أنّ الخلفاء الثّلاثة أبو بكر وعمر وعثمان منعوا كتابة حديث النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بل وحتى التحدّث به.
فهذا أبو بكر يجمع النّاس في خلافته ويقول لهم : « إنّكم تحدّثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها ، والنّاس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه » (٣).
كما أنّ عمر بن الخطاب هو الآخر منع أن يتحدّثْ الناس بحديث الرسول ، قال قرظة بن كعب : لما سيّرنا عمر بن الخطاب إلى العراق مشى
____________
(١) سير أعلام النبلاء للذهبي ٣ : ٣١ ترجمة المغيرة بن شعبة الذي كان والياً لمعاوية على الكوفة ، وكان ينال في خطبته من علي ، وأقام خطباء ينالون منه.
(٢) راجع ما تقدّم من حديث أُم سلمة الذي نقلناه آنفاً.
(٣) تذكرة الحفاظ للذهبي ١ : ٢ و ٣.