لأحد أن يروي حديثاً لم يسمع به على عهد أبي بكر ولا عهد عمر » (١).
ثمّ بعد هؤلاء جاء دور معاوية بن أبي سفيان ، لمّا اعتلى منصّة الخلافة صعد على المنبر وقال : « أيّها الناس إيّاكم والحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلاّ حديثاً يذكر على عهد عمر » (٢).
فلا بدّ أنّ هناك سرّاً لمنع الأحاديث التي قالها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والتي لا تتماشى وما جرت عليه المقادير في ذلك العصر ، وإلاّ لماذا يبقى حديث الرّسول ممنوعاً طوال هذه المدّة الطويلة ، ولا يُسمح بكتابته إلاّ في زمن عمر بن عبد العزيز؟!!.
ولنا أن نستنتج طبقاً لما سبق من الأبحاث بخصوص النصوص الصريحة في الخلافة ، والّتي أعلنها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على رؤوس الأشهاد بأنّ أبا بكر وعمر منعا من الرواية والحديث عن النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خوفاً أن تَسْرِيَ تلك النّصوص في الأقطار أو حتى في القرى المجاورة ، فتكشف للنّاس بأنّ خلافته وخلافة صاحبه ليست شرعية ، وإنّما هي اغتصاب من صاحبها الشرعي علي بن أبي طالب. وقد تكلّمنا في هذا الموضوع ، وكشفنا عن هذه الحقيقة في كتابنا « لأكون مع الصّادقين » فليراجع لمزيد الاطمئنان.
والعجيب في أمر عمر بن الخطاب هو مواقفه المتناقضة بالخصوص في كلّ ما يتعلّق بأمر الخلافة; ففي حين نجده هو الذي ثبّت بيعة أبي بكر ، وحملَ الناس عليها قهراً ، يحكم عليها بأنّها فلتةً وقى الله شرّها (٣). وفي
____________
(١) الطبقات الكبرى ٢ : ٣٣٦ ، كنز العمال ١٠ : ٢٩٥ ح ٢٩٤٩٠.
(٢) المعجم الكبير للطبراني ١٩ : ٣٧٠.
(٣) صحيح البخاري ٨ : ٢٦ كتاب المحاربين ، باب رجم الحبلى.