الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الحاضرين أن يأتوه بالكتف والدواة ليكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده أبداً ، نرى في ذلك اليوم أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي اعترض على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واتّهمه بالهجر ـ أي الهذيان ـ والعياذ بالله ، وقال : « حسبُنا كتاب الله يكفينا » (١) ، وقد أخرج هذه الحادثة البخاري ، ومسلم ، وابن ماجة ، والنسائي ، وأبو داود ، و ... أحمد ، وغيرهم من المؤرّخين كثير.
فإذا كان عمر يمنعُ رسول الله من كتابة أحاديثه ، وبمحضر كثير من الصحابة وأهل البيت ، ويتّهمه بالهجر بتلك الجُرأة التي لم يعرف التاريخ لها مثيلا ، فليس غريباً ولا عجيباً أن يشمّر عن ساعديه بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ليمنع النّاس من نقل أحاديث الرسول بكلّ جهوده ، وهو الخليفة القوي الذي يملك الحول والطول ، ولا شكّ أنّ له في الصّحابة أنصاراً كثيرين من سُراة قريش الذين لهم نفوذ في القبائل والعشائر ، والذين كانوا يصحبون النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إمّا طمعاً أو خوفاً أو نفاقاً.
وقد رأينا هؤلاء على كثرتهم يؤيّدون قولة عمر بأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
____________
(١) راجع : صحيح البخاري ٥ : ١٣٨ ، كتاب العلم ، باب كتابة العلم ، وفي كتاب الجهاد والسير ، باب هل يستشفع إلى أهل الذمّة وغيرها ، صحيح مسلم ٥ : ٧٦ ، كتاب الوصيّة ، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه ، مسند أحمد ١ : ٣٢٥ ، السنن الكبرى للنسائي ٣ : ٤٣٣ ح ٥٨٥٢ ، المصنّف لعبد الرزاق ٥ : ٤٣٩ ، صحيح ابن حبان ١٤ : ٥٦٢ ، وغيرها من المصادر.
أما عن اتهام عمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بالهجر فراجع : سرّ العالمين للغزالي : ٤٠ ، تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ٦٥ ، النهاية لابن الأثير ٥ : ٢٤٥ ، السقيفة وفدك للجوهري كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٦ : ٥١ ، منهاج السنة لابن تيمية ٦ : ٢٤ و ٣١٥.