الاجتهاد في البعض ، وصدق « الاجتهاد » على فعله ، وهو لا يستلزم صدق « الفقيه » عليه ، ولا صدق « الفقه » على علمه والمقصود في المقام تحديد الفقه لا الاجتهاد.
وقد يوجّه عدم الصدق هنا ، بأنّ « الفقه » وغيره من أسماء العلوم ليس كالقران الصادق على الكلّ والأبعاض ، لكونه مشتركا أو وضعا للقدر المشترك بين الكلّ وكلّ بعض ، بل ألفاظ العلوم بأسرها أسام لمعظم مسائلها ، أو القدر المعتدّ به منها الّذي يحصل معه الغرض المطلوب من تدوينها ، للتبادر وصحّة السلب عمّا دون ذلك ، فالنحو مثلا لا يصدق على مسألة ولا على أزيد ما لم يبلغ حدّا يعتدّ به وليس « الفقه » من هذه الجهة إلاّ كنظائره ، فلا يصدق « الفقيه » على من يعلم مسألة أو أزيد إلى أن يبلغ الحدّ المزبور ، وقضيّة ذلك خروج الحدّ غير مطّرد ، ويجري هذا التوجيه على القول بوضع الألفاظ للملكات ، إذا قدّرت الملكة بالإضافة إلى الكلّ أو القدر المعتدّ به في حصول الغرض.
وبالجملة مبنى هذا الكلام على توهّم الملازمة بين الاجتهاد والفقه ، بأن يكون كلّ مجتهد فقيها وكلّ فقيه مجتهدا ، وهذا وإن كان قد ينسب إلى ظاهر المحقّقين لكنّه موضع منع ، بل بين العنوانين عموم مطلق ، والافتراق لجانب الفقه كما في المجتهد المتجزّي.
فاتّضح بما ذكرنا أنّ الاشكال المذكور لا يندفع بشيء من تقادير إرادة البعض من « الأحكام » وبشيء من أقوال التجزّي في الاجتهاد ، فيجب الاقتصار في دفع الإشكال على اختيار الشقّ الاخر من شقّي السؤال ، وهو إرادة الكلّ من « الأحكام » مع حمل الجنس على العلم الملكي.
[٢٣] قوله : ( ثمّ نختار ثانيا : إنّ المراد بها الكلّ ـ إلى قوله ـ قولكم : لا ينعكس لخروج أكثر الفقهاء عنه ، قلنا : ممنوع إذ المراد بالعلم بالجميع التهيّؤ له ... الخ )
هذا اختيار للثاني من شقّي الترديد ، بناء على إرادة التهيّؤ القريب من العلم ، المعبّر عنه بالعلم الملكي.