ولو سلّم ، فهو ليس بموجود في المقام ، ضرورة أنّ العلم والظنّ ليسا من قبيل المداليل ، بل المدلول هو المعلوم والمظنون.
ومنها : حمل « الأحكام » على الظاهريّة ـ كما صنعه غير واحد من أجلّة المعاصرين (١) ـ بناء على أنّ الإشكال إنّما توجّه لتوهّم كون « الأحكام » مرادا بها الواقعيّة ، وهي الأحكام المجعولة في الوقائع بعناوينها الخاصّة على طبق الصفات الكامنة فيها معلّقة على عدم مصادفة المانع من جهل المكلّف ونحوه ، ولعلّه عند التحقيق يرجع إلى ما اخترناه وإن كان لا يخلو عن نوع إجمال ، وبيانه : أنّ الحكم الظاهري في لسان الفقهاء والاصوليّين يرد لمعان :
أحدها : ما جوّزه الشارع وجعله في حال الاضطرار ، كالأحكام المبتنية على التقيّة وغيرها من جهات الاضطرار ، وقد يعبّر عنه « بالواقعي الثانوي » قبالا « للواقعي الأولي » المفسّر بما يختصّ بالمكلّف الجامع لجهات الاختيار ، فمقابله ما يختصّ بالمكلّف الغير الجامع لجهات الاختيار بطروّ الاضطرار لبعض جهاته.
وثانيها : مظنونات المجتهد حال انسداد باب العلم ، فإنّها ـ بناء على الظنّ المطلق ـ أحكام ظاهريّة ، وهذا أعمّ من وجه من الحكم الواقعي ، كما أنّ الأوّل مبائن له ، والوجه واضح بعد ملاحظة أنّ الحكم الواقعي قد يصادفه العلم ، والظنّ قد يصادف الحكم الواقعي وقد لا يصادفه ، فالأوّل افتراق الواقعي والأخير افتراق الظاهري والأوسط مورد اجتماعهما.
وثالثها : مؤدّيات الاصول العمليّة من أصل البراءة والاستصحاب وأصل الشغل ونحوه ، فإنّها أيضا أحكام ظاهريّة بينها وبين الأحكام الواقعيّة عموم مطلق كما لا يخفى.
ورابعها : مؤدّيات الأمارات التعبّديّة الصرفة المعمولة في الأحكام ، كخبر الواحد ومنقول الإجماع ونحوهما على القول بها من باب الظنّ الخاصّ ، أو في
__________________
(١) ضوابط الاصول : ٥.