الموضوعات الخارجيّة كالبيّنة واليد وسوق المسلم وما أشبه ذلك ، فإنّها أيضا أحكام ظاهريّة عندهم.
وخامسها : ما يعمّ المعاني الأربع المذكورة ، أعني الامور الّتي يجب بناء العمل عليها فعلا ، ولا ريب أنّ ذلك مفهوم يعمّ جميع المذكورات.
والظاهر أنّ من يحمل « الأحكام » على الظاهريّة لا يريد منها أحد الأربع الاول ، لاستلزامه انتقاض العكس بخروج ما سوى المحمول عليه وهو في صدد دفع هذا المحذور ، فإذا كان مراده المعنى الأخير يندفع به الإشكال بحذافيره ، إلاّ أنّ مرجعه إلى ما اخترناه لأنّ الحكم الظاهري بهذا المعنى عبارة اخرى للحكم الفعلي ، وإنّما عدلنا عن الحمل عليه لكونه بملاحظة ما ذكرناه من إطلاقه على المعاني المتعدّدة كالمقول بالاشتراك فلا يناسب أخذه الحدّ.
ومنها : حمل « الأحكام » على ما يعمّ الظاهريّة والواقعيّة ـ كما صنعه بعض الأعلام (١) ـ وإنّما دعاه إلى ذلك جعل الحدّ بحيث يتناول القطعيّات وغيرها ، فإنّ الأحكام الواقعيّة من هذا المعنى عبارة عن قطعيّات الفقيه ، كما أنّ الأحكام الظاهريّة من فرديه عبارة عن غير القطعيّات.
وفيه : أوّلا منع الملازمة بين القطع بالشيء وكون المقطوع به حكما واقعيّا ، لكثرة ما يقع فيها من الخطأ ، فالحكم الواقعي الّذي أحد فردي هذا المعنى لا يشمل جميع القطعيّات إلاّ أن يقال : باندراج ما عدا الواقعي منها في الفرد الاخر.
وثانيا : منع الحاجة إلى هذا التكلّف ، بل الحمل على خصوص الأحكام الظاهريّة بالمعنى الأخير كاف في شمول جميع القطعيّات وغيرها ، وذلك لأنّ الأدلّة الّتي يستعملها الفقيه عند الاستنباط لا تخلو عن أنواع أربع :
الأوّل : ما يكون دليليّته واعتباره منوطا بإفادته القطع كالإجماع والعقل.
والثاني : ما يكون دليليّته منوطة بإفادته الظنّ كالأمارات على الظنّ المطلق.
__________________
(١) قوانين الاصول ٦ : ١.