المستفادة من لفظة « اللام » واستنباط الفروع عن القواعد المشار إليها إنّما يترتّب عليها من باب الفائدة الّتي هي أعمّ من الغاية ، ضرورة أنّ تقرير هذه القواعد في الكتب الفقهيّة ليس لغرض الاستنباط وإن كان يترتّب عليه الاستنباط من باب الفائدة الغير المقصودة ، بل لغرض بيان نفس الحكم الثابت لموضوعه العامّ ، كما أنّه يندفع بمثل ذلك ما توهّم من انتقاض الطرد أيضا بمثل العربيّة والمنطق.
ولا يشكل الحال بجملة من المطالب النحويّة المعنونة في كثير من كتب هذا العلم ، نظرا إلى أنّه لا غرض لعنوانها فيها إلاّ جهة الاستنباط لظهور « التمهيد » في ابتداء التدوين ، وهذا ليس منه بل نقل لما هو من مدوّنات كتب النحو في كتب هذا العلم لما فيها من مزيد دخل في الاستنباط.
وبذلك يندفع ما قيل في نقض الطرد أيضا ، من أنّ المراد « بالممهّدة » إن كان الممهّدة مطلقا في السابق واللاحق ، لزم أنّه لو مهّد شخص نبذة من المسائل اللغويّة وغيرها لاستنباط الأحكام الشرعيّة لكان داخلا في هذا العلم وهو باطل ، وإن كان المراد الممهّدة سابقا لا غير ، فإن كان المراد ما مهّده كلّ العلماء أو ما مهّده السابقون الّذين كانوا في صدر بناء هذا العلم ، لزم خروج أكثر المسائل الاصوليّة ، وإن كان المراد ما مهّده البعض مطلقا ، لزم أنّه لو مهّد مسألة في زماننا السابق بقليل يكون داخلا وما سيمهّد بعد ذلك بقليل يكون خارجا ، وهو بعيد جدّا.
فإنّ المراد « بالممهّد » جنسه الصادق على ما مهّده الكلّ وما مهّده البعض سابقا وما يمهّد كذلك لا حقا ، ودعوى : انتقاض الطرد بالمسائل اللغويّة وغيرها ، متّضح الدفع : بأنّ المسائل اللغويّة إن اريد بها ما هو من مدوّنات كتب اللغة من النحو والصرف وغيرها فقد عرفت أنّ إيرادها في كتب اصول الفقه ليس بمندرج في التمهيد ، وإنّما هو نقل لما مهّد لغير استنباط الأحكام الشرعيّة.
وإن اريد بها ما لم يتعرّض أحد لذكره في سائر العلوم العربيّة وكان إيراده في كتب هذا العلم ابتداء تدوين له ، كما هو الحال في أكثر مسائل هذا العلم المعبّر عنها بمشتركات الكتاب والسنّة ، فبطلان دخوله في حيّز المنع.