لا بدّ وأنّ يكون جهة جامعة لمسائله ، ولا ما في كلام المحقّقين في ضابط مسائل كلّ علم من أنّه لا بدّ لها من موضوعات وهي إمّا نفس موضوع العلم ، أو جزء من أجزائه ، أو نوع من أنواعه ، أو عرض ذاتي له ، أو نوع من عرضه الذاتي.
نعم يمكن أن يتكلّف في دفعه في الجملة بأن يقال : ـ بالقياس إلى الاستصحاب ـ إنّ جمعا من الفحول قسّموا الاستصحاب على أربعة أقسام ، وصرّحوا بعدم الخلاف في حجّية أكثرها.
أحدها : نفي الحكم الشرعي وبراءة الذمّة منه إلى أن يظهر دليله وهو المعبّر عنه بالبراءة الأصليّة ، وقد وقع الخلاف فيه بين الأخباريّين ففرّقوا في الحجّية بين الشبهات الوجوبيّة فالحجّية والشبهات التحريميّة فعدمها ، بناء فيها على وجوب الاحتياط ، وبين المجتهدين فعمّموا الحجّية.
وثانيها : استصحاب حكم العموم إلى أن يقوم المخصّص وحكم النصّ إلى أن يرد الناسخ.
وثالثها : استصحاب إطلاق النصّ إلى أن يثبت المقيّد ، وهذان القسمان ممّا لا خلاف في حجّيته عند الفريقين كما هو المعلوم المصرّح به في كلام جماعة منهم صاحب الحدائق (١).
ورابعها : استصحاب حكم شرعي في موضع طرئت له حالة لم يعلم شمول الحكم لها ، بمعنى أنّه يثبت حكم في وقت ثمّ يجيء وقت اخر ولا يقوم دليل على انتفاء ذلك الحكم فيه ، فيحكم ببقائه على ما كان ، استصحابا لتلك الحالة الاولى ، وهذا هو الاستصحاب المعروف المتنازع في حجّيته الّتي أنكرها الأخباريّة ، فحينئذ نقول : إنّهم اتّفقوا على حجّية الاستصحاب في كثير من أقسامه ، وكونه دليلا
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٥١ : ١ ـ حيث قال في المطلب الثاني من المقدّمة الثالثة من مقدّمات الكتاب ، بعد بيان الأقسام الأربعة للاستصحاب ـ : إذا عرفت ذلك فاعلم أنّه لا خلاف ولا إشكال في حجّيته بالمعنى الثاني والثالث لأنّ مرجعهما إلى الاستدلال بعموم النصّ وإطلاقه ...