اللاحقة موجود في الأعيان وقد اكتنفه من خارج شرائط وأحوال ، فهو في حدّ واحدته الّتي هو بها واحد من تلك الجهة هو حيوان مجرّد بلا شرط شيء اخر. انتهى ، فتأمّل.
والقول بعدم الوجود معروف ، وعليه شارح المطالع ويستفاد من الحاجبي في المختصر ، وربّما عزى إلى المصنّف أيضا وليس كما عزّى ، بل المستفاد منه في غير موضع من الكتاب هو القول الأوّل ، وإن شئت لاحظ كلامه في بحث اجتماع الأمر والنهي ، فإنّه عند دفع ثاني حجّتي القول بجواز الاجتماع ، قال : ضرورة أنّ الأحكام إنّما تتعلّق بالكلّيات باعتبار وجودها ، فالفرد الّذي يتحقّق به الكلّي هو الّذي يتعلّق به الحكم حقيقة ، وهكذا يقال في جهة الصلاة ، فإنّ الكون المأمور به فيها وإن كان كلّيا ، لكنّه إنّما يراد باعتبار الوجود ، فمتعلّق الأمر في الحقيقة إنّما هو الفرد الّذي يوجد منه ولو باعتبار الحصّة الّتي في ضمنه من الحقيقة الكلّية على أبعد الرأيين في وجود الكلّي الطبيعي. انتهى (١).
ولا يخفى أنّ قوله : « ضرورة إنّ الأحكام إنّما يتعلّق بالكلّيات باعتبار وجودها » وكذلك قوله : « فالفرد الّذي يتحقّق به الكلّي هو الّذي يتعلّق به الحكم » صريح في خلاف القول بعدم الوجود ، وبمثل ذلك صرّح في بحث المفرد المعرّف باللاّم ، بقوله : « إذ الأحكام الشرعيّة إنّما تجري على الكلّيات باعتبار وجودها ».
فدعوى : أنّ قوله : ـ في اخر كلامه المذكور ـ « على أبعد الرأيين في وجود الكلّي الطبيعي » يدلّ على أنّ مذهبه عدم وجوده في الخارج بل أفراده موجودة ، واردة على خلاف التدبّر في عمق العبارة ، بل ما ذكر بصراحته يدلّ على اختياره القول بالعينيّة ، حيث جعل القول بوجود الحقيقة الكلّية باعتبار الحصّة الموجودة منها في ضمن الفرد أبعد الرأيين في وجود الكلّي الطبيعي ، فإنّ من البيّن أنّ الرأيين في الوجود :
أحدهما : كونه في ضمن الفرد الموجود منه.
__________________
(١) معالم الاصول : ٩٩.