وزاد التفتازاني : هذا كما إذا أطلق كافر لفظ « الله » على مخلوق ، فلا يكون استعمالا صحيحا.
وفيه : أنّ ذلك إنّما يتمّ إذا كان مبنى الاحتجاج على دعوى عدم وقوع الاستعمال في المعنى الأصلي على الوجه الشرعي ، بناء على ما ادّعي من قيام المنع الشرعي من استعماله في غيره تعالى.
وهذا واضح الفساد ، إذ المقصود إقامة الحجّة على عدم اتّفاق استعما لهذا اللفظ فيما وضع له ، لا إقامة الدليل على قيام المنع الشرعي من الاستعمال ، فوقوعه منهم تعنّتا يكشف عن عدم اعتنائهم بالشرع ، وهو لا ينافي صحّته باعتبار اللغة ، مع أنّ النزاع إثباتا ونفيا ليس في صحّة الإطلاق لغة وعدمها ، بل الصحّة على فرض وقوعه من مسلّمات الفريقين.
وإنّما النزاع في وقوع أصل الاستعمال ، لئلاّ يكون المثال من المجاز بلا حقيقة ، وعدم وقوعه ليكون منه ، فالحكم عليه بعدم الصحّة ممّا لا تعلّق له بالمقام ، ولم يدّعه أحد ، وعلى فرض التنزّل فقياس الإطلاق المذكور على ما لو أطلق كافر لفظ الجلالة على المخلوق فاسد ، لوضوح الفارق في وجود مقتضي الصحّة في لفظ « الرحمن » وهو وضعه النوعي للمعنى الكلّي الوصفي ، وعدم وجوده في لفظ الجلالة ، من حيث إنّه على الأصحّ لم يوضع إلاّ علما للذات الواجب الوجود ، فإطلاقه على غيره تعالى غلط جزما.
وثالثة : بما في كلام التفتازاني زيادة على ما مرّ ، من أنّك إذا تأمّلت علمت أنّ هذا الإطلاق ليس حقيقيّا ، لأنّهم لم يريدوا به رقّة القلب ، وملخّصه : أنّه في هذا الإطلاق أيضا مجاز ، بل أرادوا به الفضل والإحسان كما يشهد به قوله : « غيث الورى » ويقتضيه أيضا إضافته إلى اليمامة الّتي هي مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف ، وصاحبها مسيلمة الكذّاب.
ولا ريب أنّ رقّة القلب لا تلائمه ، فالإطلاق هنا وفيه تعالى على معنى ، كما هو من مقتضى كفرهم أيضا ، وتوهّم كونه بحسب الأصل لذي الفضل والإحسان