ولا ريب أنّ الاتّصال فيما بين الصيد والشبكة اتّفاقي غير ناش عن مقتضى طبعهما ، ولذا يجد فيهما الطبع السليم من الانفصال المعنوي ما لا يجده عمّا بين القرية وأهلها.
وأمّا مسألة الأب والابن ، فيدفعها : النقض بالأب حيثما يطلق على الجدّ ، والابن حيثما يطلق على ابن الابن ، فإنّه على ما هو المعلوم من العرف والمصرّح في كلام أهل اللغة مجازا ، ولا علاقة له ظاهرا سوى المسبّبية في الأوّل والسببيّة في الثاني ، مع أنّ علاقة السببيّة واختها في جميع مواردهما لا بدّ وأن يتحقّقا بين مفهومي اللفظين على الوجه الّذي اخذا في لحاظ الوضع.
ولا ريب أنّ التجوّز في الأب والابن حسبما هو مفروض الاحتجاج إنّما يتأتّى إذا اريد بالأوّل من له البنوّة وبالثاني من له الابوّة ، لأنّهما مفهومان قد اخذا في وضع اللفظين ، غير أنّهما كما ترى عنوانان لا سببيّة بينهما بكون أحدهما من حيث إنّه مأخوذ في وضع لفظه سببا لصاحبه الّذي هو أيضا من هذه الحيثيّة يكون مسببّا عنه ، بل هما أمران متلازمان تلازم التضائف لمكان اللزوم بينهما خارجا فلذا لا يتحقّق أحدهما بدون تحقّق الاخر ، وذهنا فلذا لا يتعقّل أحدهما بدون تعقّل الاخر ، وهما معا بهذا الاعتبار مسبّبان عن سبب ثالث خارج عنهما ، وهو الزواج وما استتبعه من الشروط والمعدّات ، وهذا ممّا لا دخل له بمفهوم الأب كما لا يخفى.
هذا إذا اريد بالسبب ما يرادف العلّة أو ما يقرب منها ، وإلاّ فمن جملة شروط تحقّق العنوانين وانعقادهما في الخارج إذا اريد به ما يعمّ الشرط أيضا ، إنّما هو الذات المعرّاة عن وصفي الابوّة والبنوّة ، وهو الّذي سيصير أبا بالتوالد ، وظاهر أنّه بهذا الاعتبار عنوان لم يوضع له لفظ فضلا عن لفظي « الأب » و « الابن » هذا إذا اعتبرنا تلك الذات بعنوان كلّي ، وإن كان النظر إلى شخص هذا العنوان فلا محصّل له إلاّ المعنى العلمي الشخصي ، فيكون لفظه الموضوع له هو العلم والسببيّة حاصلة بينه وبين المجموع من معنيي الأب والابن ، لا بين نفس المعنيين هذا واغتنم.