وإن اريد به إطلاق أهل الشرع بالمعنى الشامل للأئمّة عليهمالسلام ، فثبوت أصل الإطلاق بل الوضع في الجملة ولو من الأئمّة عليهمالسلام وفي زمنهم غير بعيد ، بل هو الظاهر بملاحظة أنّ علم الفقه قد شاع في زمنهم بين أصحابهم ـ ولا سيّما الصادقين عليهماالسلام ـ وقد كان جماعة من أصحابهم معروفين بالفضل والفقاهة ، موسومين بلفظ « الفقيه » قبالا لمن كان منهم موسوما بلفظ « المتكلّم » وغيره من ألفاظ العلوم على ما يرشد إليه تتبّع الأخبار وكلمات العلماء الأخيار في الرجال في ضبط أحوال الرواة ، ولا ريب أنّ مجرّد ذلك لا يقضي بكون اللفظ حقيقة شرعيّة.
ومن هنا يعلم أنّ نفي الحقيقة الشرعيّة هنا لا ينافي ما نسب إلى الفقهاء من أنّهم لم يزعموا أنّ هذا الاصطلاح من عند أنفسهم.
وأمّا المناقشة في إخراج الضروريّات فستعرف دفعها فيما بعد ذلك ، وانتظر لتتمّة الكلام فيما يتعلّق بإطلاقات هذا اللفظ ، عند الكلام في إخراج علم المقلّد عن الحدّ ، إن شاء الله تعالى.
[٤] قوله : ( هو العلم ... الخ )
العلم في اللغة والعرف بالمعنى الأعمّ ـ من العامّ والخاصّ ـ يطلق على معان كثيرة : الإدراك المطلق ، والتصوّر ، والاعتقاد الراجح المعبّر عنه بالتصديق مطلقا ، والاعتقاد الراجح الغير المانع من النقيض المعبّر عنه بالظنّ ، والاعتقاد الراجح المانع مطلقا المعبّر عنه تارة بالجزم واخرى بالقطع ، والراجح المانع الغير المطابق المعبّر عنه بالجهل المركّب ، والراجح المانع المطابق مطلقا والمانع المطابق الّذي يقبل الزوال بتشكيك المشكّك المعبّر عنه بالتقليد ، والمانع المطابق الّذي لا يزول بالتشكيك المعبّر عنه باليقين والملكة.
وقيل : قد يطلق أيضا على المسألة ، كما في قولهم : فلان يعلم علم النحو ، أي مسائله.
وجميع هذه الإطلاقات يوجد في العرف الخاصّ ، وإن اختصّ بعضها بل أكثرها بأهل المنطق.