وأمّا العرف العامّ فلا يوجد فيه منها إلاّ بعضها ، والقدر المقطوع به منه بعنوان الحقيقة ، القدر الجامع بين التقليد واليقين تارة ، وخصوص التقليد اخرى ، واليقين ثالثة.
والظاهر أنّ موضوعة لغة هو الأوّل ، وإطلاقه على الأخيرين باعتباره لا لوضعه لخصوص كلّ منهما ، للتبادر وعدم صحّة سلبه عن الاعتقاد التقليدي ، وصحّة سلبه عن الظنّ والجهل المركّب ، وبعنوان المجاز الاعتقاد الراجح الجامع بين الجزم والظنّ.
وأمّا المعاني الاخر فلم نقف في العرف العامّ على إطلاقه عليها حتّى الظنّ ولو بعنوان المجاز.
وما يتوهّم من إطلاقه عليه مجازا بعلاقة وجوب العمل أو رجحان الحصول ويجعل من ذلك قوله تعالى : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ )(١) وقوله الاخر : ( إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً )(٢) بحمله على إرادة الظنّ المتاخم للعلم ، لتعذر حقيقة العلم هنا.
ففيه : منع ثبوت ذلك في استعمالات العرف ـ وفاقا لبعض مشايخنا قدّس الله أرواحهم ـ وتوهّم وروده في الايتين.
يدفعه : منع وجود القرينة عليه ، ودعوى تعذّر الحقيقة هنا غير مسموعة.
نعم لا نضائق تعسّر حصوله غير إنّه بمجرّده لا يقضي بعدم جواز إرادة الحقيقة ، ولو سلّم عدم كون الحقيقة مرادة فلا قاضي بتعيّن إرادة الظنّ بالخصوص ، لجواز كون المراد المعنى العامّ الثابت إطلاقه عليه في العرف العامّ.
ومع الغضّ عن جميع ذلك ، فاعتبار كون العلاقة وجوب العمل واضح الفساد ، لوجوب كون علاقة المجاز ممّا يعتبره العرف ، بناء على أنّ المعتبر فيها ثبوت ترخيص الواضع الّذي يكشف عنه المؤانسة العرفيّة. ووجوب العمل حكم شرعي لا يعرفه أهل العرف إلاّ من جهة الشرع ، وصلاحيّة رجحان الحصول لكونه علاقة أيضا ، لا يخلو عن منع.
__________________
(١) الممتحنة : ١٠.
(٢) النور : ٣٣.