ظنّي عليها ، بالمعنى الأعمّ من الظنّ الخاصّ والظنّ المطلق ، أو لا يظفر على شيء منهما ، فتصير المسألة مشكوكة الثبوت لموضوعها ، فيرجع حينئذ إلى الاصول العمليّة ، كلّ في الموضع المناسب له.
وهذا الاختلاف في المسائل إنّما يتأتّى إذا اخذت « الأحكام » بمعنى الأحكام الواقعيّة ، وهي المحمولات المنتسبة إلى الموضوعات لعناوينها الخاصّة.
وحينئذ فإن اخذ العلم بمعناه الحقيقي انتقض عكس التعريف بالمظنونات والمشكوكات ، وإن اخذ بمعنى الظنّ انتقض بالمعلومات والمشكوكات ، وإن اخذ بمعنى الاعتقاد الراجح انتقض بالمشكوكات ، فلا بدّ لحفظ العكس من أخذ « الأحكام » بالمعنى الجامع للأنواع الثلاث المذكورة ، وهو الأحكام الفعليّة التي هي عبارة عن المحمولات المتعلّقة بالمكلّف تعلّقا فعليّا ، بحيث يجب عليه بناء العمل عليه والتديّن به ويعاقب على مخالفته ، ويندرج فيها بهذا المعنى كلّ من المعلومات والمظنونات والمشكوكات.
أمّا اندراج الاولى ؛ فلأنّ الفقيه بعد الظفر على الدليل العلمي وحصول العلم بالمسألة له ، ينكشف عنده تعلّق معلومه به تعلّقا فعليّا ، بحيث يجب عليه بحكم العقل المستقلّ بناء العمل عليه.
وأمّا اندراج الثانية ؛ فلأنّه بعد الظفر على الدليل الظنّي وحصول الظنّ له ينكشف عنده بحكم الأدلّة القطعيّة القائمة بحجّيّة الظنّ ، تعلّق مظنونه به تعلّقا فعليّا ، بحيث يجب عليه بناء العمل عليه.
وأمّا اندراج الثالثة ؛ فلأنّه بعد اليأس عن الدليل علميّا وظنّيا يندرج الواقعة باعتبار كونها مشكوكة في موضوع الاصول العمليّة ، المأخوذ فيه الشكّ وجهالة الحكم الواقعي ، فينكشف عنده بحكم الأدلّة القطعيّة القائمة على تلك الاصول ، تعلّق مؤدّى الأصل الجاري في الواقعة به تعلّقا فعليّا ، بحيث يجب عليه أيضا بناء العمل عليه ، فيكون كلّ من المعلوم والمظنون ومؤدّى الأصل حكما فعليّا في حقّه ، فوجب حمل « الأحكام » على الفعليّة منها ليتناول جميع مسائل الفنّ.