ولا ريب أنّ النتيجة الحاصلة منهما مستندة في حصولها إليها ، فصحّ أن يقال : إنّ العلم بالأحكام الفعليّة حاصل عن الأدلّة التفصيليّة.
هذا مع أنّ النتيجة لا تغائر بالذات مقدّمتي القياس ، والعلم بها ليس بخارج عن العلم بهما ، بل هي بعينها مطويّة في كلّ منهما ، والعلم بها مندرج في العلم بكلّ منهما ، فإنّها قضيّة يحكم فيها بثبوت الأكبر من حيث هو للأصغر من حيث هو.
وفي إحدى مقدّمتي القياس إذا كان بطريق الشكل الأوّل يحكم بثبوت الأكبر بعنوان الأوسط للأصغر كالصغرى ، وفي الاخرى يحكم بثبوت الأكبر من حيث هو للأصغر بعنوان الأوسط كالكبرى ، ففي نتيجة دليل حدوث العالم ـ مثلا ـ يحكم بثبوت « حادث » من حيث هو « للعالم » من حيث هو ، وفي صغراه يحكم بثبوت « حادث » بعنوان إنّه متغيّر « للعالم » من حيث هو ، وفي كبراه يحكم بثبوت « حادث » من حيث هو « للعالم » من حيث إنّه متغيّر ، فالجميع متضمّن للعلم بحدوث العالم ، إلاّ أنّه في النتيجة بطريق التفصيل وفي كلّ من المقدّمتين بطريق الإجمال ، إمّا لإجمال في محمول القضيّة أو لإجمال في موضوعها.
والسرّ فيه ، أنّ في الصغرى يحكم بثبوت حادث بعنوان عامّ جامع لجميع لوازمه الّتي منها « الحادث » للعالم ، وفي الكبرى يحكم بثبوت « حادث » للعالم بعنوان عامّ جامع لجميع ملزوماته الّتي منها « العالم » فالعلم بحدوث العالم حاصل في النتيجة وفي كلّ من المقدّمتين ، بلا فرق فيه بينها وبين كلّ منهما إلاّ بالإجمال والتفصيل ، فيكون العلم في النتيجة مستندا إلى الأدلّة التفصيليّة ، باعتبار أنّه في كلّ منهما مستند إليها ، فيصدق على العلم بالأحكام الفعليّة انّه علم حاصل عن الأدلّة التفصيليّة ، فرجوع الظرف إلى العلم لا يصلح صارفا للعلم إلى إرادة الظنّ أو الاعتقاد الراجح.
هذا كلّه دفعا لتوهّم كون الظرف باعتبار رجوعه إلى العلم قرينة صارفة مع كون المصروف أحد هذين المعنيين.
وأمّا حمله على الملكة ، بناء على كون ألفاظ العلوم أسامي لملكاتها ، أو كون