الجاهليّة ، ما رواه عن أبي عبد الله بن الأعرابي :
انّ عبد الله بن حلاوة السعدي نزل يبني العنبر بن عمر بن تميم ، وله مال من إبل وغنم ، فأكلوه واستطالوا عليه بعددهم ، فأمهلهم حتّى دخل الشّهر الحرام ، ثم رفع يديه فقال :
يا ربّ انّ كان بنو عنبر آل السلب ، منهم مقصورة ، قد أصبحوا كأنّهم قارورة (١) ، من غنم ونعم كثيرة ، ومن شابّ حسن صورة ، ثمّ عدوا الحلقة مقصورة ، ليس لها من إثمها صادورة ، ففجروا بي فجرة مذكورة ، فأصبب عليهم سنة قاسورة (٢) ، تختلق (٣) المال اختلاق النّورة ، فيقال ـ والله اعلم ـ انّ أموالهم اجتيحت (٤) فلم يبق عليهم منها شيء.
فصل (٢)
فيما نذكره من ابتداء فوائد ذي القعدة
أقول : فمن ابتداء فوائده الاهتمام بمشاهدة هلاله ، لأجل ما يأتي ذكره فيه من مواقيت ، لإطلاق مكارم الله جل جلاله وإقباله ، وما يدعى به عند مشاهدة الهلال الموصوف.
ولم أجد إلى الآن تعيين دعاء لذلك المقام المعروف ، فيقول ان شاء ما نذكره على سبيل الإنشاء ، ما يطلقه على قلمنا مالك الأشياء :
اللهُمَّ إِنَّ هذا شَهْرُ ذِي الْقَعْدَةِ ، مِنَ الْأَشْهُرِ الَّتِي امَرْتَ بِتَعْظِيمِها ، وَجَعَلْتَ فِيها مِنْ أَسْرارِ الْعِباداتِ ما شَهِدَ بِتَكْرِيمِها ، وَقَدْ شَرَّفْتَنا بِانْ جَعَلْتَ لَنا طَرِيقاً الى مُشاهَدَةِ هِلالِهِ وَمَعْرِفَةِ حَقِّ إِقْبالِهِ ، وَلَمْ تَحْجُبْهُ عَنَّا بِالْغُيُومِ وَحَوادِثِ السَّماءِ ، وَلا حَجَبْتَنا عَنْهُ بِما يَمْنَعُ أَبْصارَنا مِنَ الضِّياءِ.
__________________
(١) قرّت عينه : بردت سرورا.
(٢) قسره على الأمر : قهره وأكرهه عليه.
(٣) خلق الثوب : بلى.
(٤) احتجبت ( خ ل ) ، أقول : الجوح : الإهلاك والاستئصال كالاجاحة والاجتياح ـ القاموس.