حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل إليها حتّى رماه الله بحجر فسقط على هامّته (١) ، وخرج من دبره فقتله (٢).
أقول : فإذا كان الحال كما ذكرناه من الحاسدين الكارهين لما انزل الله ولما أمر به رسوله صلوات الله عليه وآله من ولاية علي بن أبي طالب على الإسلام والمسلمين ، وكان ذلك في حياة النبي صلوات الله عليه وآله وهو يرجى ويخاف والوحي ينزل عليه ، فكيف يستبعد ممن كان بهذه الصفات في الحسد والعداوات ان يعزلوا الولاية عن مولانا علي عليهالسلام بعد وفاة النّبي صلوات الله عليه أو يكتموا كثيرا من النصوص عليه :
باعوه بالأمل الضّعيف سفاهة |
|
وقت الحياة فكيف بعد وفاته |
خذلوه في وقت يخاف ويرتجى |
|
أيراد منهم ان يفوا لمماته |
فصل (٤)
فيما نذكره من فضل الله جلّ جلاله بعيد الغدير على سائر الأعياد ، وما فيه من المنّة على العباد
اعلم انّ كلّ عيد جديد أطلق الله جلّ جلاله فيه شيئا من الجود لعبد سعيد ، فإنّما يكون إطلاقه جلّ جلاله لذلك الإحسان لمن ظفر بمعرفة الله جلّ جلاله ومعرفة رسوله صلوات الله عليه وامام الزمان ، وكان صحيح الأيمان ، فإنّ النقل عن صاحب الشّريعة النبويّة ورد متظاهرا انّه من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهليّة.
وهذا عيد يوم الغدير الثامن عشر من ذي الحجّة ، فيه كشف الله ورسوله عن واضح المحجّة ، ونصّ بها على من اختاره للإمامة والحجّة ، وكل عبد علاقة عليه كالعبد الذي يخدم بين يديه ويتقرّب إليه.
واعلم انّ المنّة بكشفه والمحنة بلطفه ، تكاد ان تزيد على الامتحان بصاحب النّبوة العظيم الشّأن ، لأنّ الرسول المبعوث صلوات الله وسلامه عليه ، بعث في أوّل أمره بمكّة إلى قوم يعبدون أحجارا واخشابا لا تدفع ولا تنفع ولا تسمع خطابا ولا تردّ جوابا.
قد شهدت عقول أهل الوجود بجهل من اتّخذها آلهة من دون الله المعبود ، ولم يكن
__________________
(١) الهامة : الرأس.
(٢) عنه البحار ٣٧ : ١٣٦.