ومن آياته : انّ البيان واللّسان والجنان اعترفوا بالعجز عن شرح كمال كراماته.
فصل (٤)
فيما نذكره مما ينبغي ان يكون أهل المعرفة بحقوق المباهلة من الاعتراف بنعم الله جلّ جلاله الشاملة
اعلم انّ يوم المباهلة أعظم ممّا أشرنا إليه ، وانّما ذكرنا من فضله بحسب ما دلّنا الله جلّ جلاله عليه.
وكن أنت مفكّرا في انّ الله جلّ جلاله اختار لنا في الأزل ، من غير وسيلة منّا ولا فضيلة صدرت عنّا ، أنوارا تباهل بها جاحدين كفارا ، وشموسا تكشف بنورها دعوى اليهود والنصارى ، وتمحو آثار استمرار شرعهم وشموسهم ، ويخسف ببدورها دعوى الجاهليّة بعبادة أصنامهم وتخليطهم (١) بها من نحو سهم ، وتخلع به خلع التشريف بالتكليف للتّراب ، ويحيى بهدايتها موات الألباب ، وتعمّ لأجلها دوام نعيم دار الثواب ، ويأتي بها إلى نار ، قد علا لهبها وسعيرها ، وحروب قد اشتدّ كلبها (٢) وزفيرها ، فخفف بها عنّا وعن سائر البشر هول ذلك الخطر والضرر ، وإطفاء شررها بمباهلة ساعة بأهل الطاعة ، وقرب جموعها وهدم ربوعها ، بثبوت اقدام أرباب المباهلة ، ورايات إخلاصهم ، وحمى حوزة الإسلام والمسلمين بتلك المباهلة الصّادرة عن أمر ربّ العالمين.
فلهذا اليوم المباهلة من حقّ التشريف وتعظيم أهل المقام الشريف ، وتخفيف المالك اللطيف ، يقتضي ان يكون هذا اليوم من أعظم أيّام البشارات وأكرم أيّام السعادات ، معمور المجالس والمحافل بالثناء على الله جلّ جلاله ، وذكر ما فيه من الفضائل ، معروفا به جلّ جلاله حقوق ملوك أهل المباهلة وما دفع الله جلّ جلاله بهم من الأمور الهائلة ، وما نفع بمباهلتهم في العاجلة والآجلة ، وان يتوجّه بهم فيه إلى كشّاف الكربات وواهب ألطاف الكرامات ، فيما يكون العبد محتاجا إليه ، وعلى قدر تعظيم اليوم المذكور وعزّة أهله عليه.
__________________
(١) تخليطهم ( خ ل ).
(٢) كلب الزمان : اشتد.