وامّا لفظ ما نذكره في هذا اليوم من زيارته ، فقد كنّا ذكرنا في كتاب مصباح الزائر وجناح المسافر زيارتين يختصّ بهذا الميقات ، وليس هذا الكتاب ممّا نقصد به ذكر الزيارات ، فان وجدت تلك الزيارتين ، والاّ فزر الحسين عليهالسلام ليلة الأضحى ويوم الأضحى بما ذكرناه في هذا الكتاب من الزيارة ليوم عرفة ، فإنّها كافية عند أهل المعرفة.
فصل (٤)
فيما نذكره ممّا ينبغي أن يكون أهل السعادات والإقبال عليه يوم الأضحى من الأحوال
اعلم أنّنا قد ذكرنا في عيد شهر رمضان ما فتحه علينا مالك القلب واللسان ، من الآداب عند استقبال ذلك العيد وآداب ذلك النهار ، ما تستغني به الآن عن التكرار ، لكن يمكن أنك لا تقدر على نظر ما قدّمناه ، أو لا تعرف معناه ، فنذكر ما يفتح الله جلّ جلاله عليه ويحسن به إلينا ، فنقول :
اذكر أيّها الإنسان أنّ الله جلّ جلاله سبقك بالإحسان قبل أن تعرفه ، وقبل أن تتقرّب إليه بشيء من الطّاعات ، فهيّأ لك كلّما كنت محتاجا إليه من المهمّات ، حتّى بعث لك رسولا من أعزّ الخلائق عليه ، يزيل ملوك الكفّار ويقطع دابر الأشرار ، الّذين يحولون بينك وبين فوائد إسراره ، ويشغلونك عن الاهتداء بأنواره فأطفأ نار الكافرين ، وأذلّ رقاب ملوك اليهود والنصارى والملحدين.
ولم يكلّفك أن تكون في تلك الأوقات من المجاهدين ، ولا تكلّفت خطرا ، ولا تحمّلت ضررا في استقامة هذا الدين ، وجاءتك العبادات في عافية ونعمة صافية ، ممّا كان فيه سيّد المرسلين ، وخواصّ عترته الطاهرين ، صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ، وممّا جاهد عليه ووصل إليه السلف من المسلمين.
فلا تنس المنّة عليك في سلامتك من تلك الأهوال وما ظفرت به من الآمال والإقبال ، وجرّ (١) بلسان الحال بنظرك ، واذكر بخاطرك القتلى ، الّذين سفكت دماؤهم
__________________
(١) جبّر ( خ ل ).