على مساجد الأبرار ، واغسل ما عساك تجده من وسخ في قلبك وحجاب دينك المفرّق بينك وبين ربّك.
فإذا تطهّرت الجوارح من القبائح وخلعت ثياب الفضائح فالبس ثوبا من العمل الصالح مناسبا لثياب من تدخل إليهم وتحضر بين يديهم ، وقدّم قدم السّكينة والوقار ومدّ يد المسألة والاعتبار ، وقف موقف الذلّة والانكسار ، واجلس مجلس السّلامة من الاعتذار ، وكن وقفا مؤبّدا على مرادهم ، وقد ظفرت بما لم يبلغه أملك من إسعادهم وإنجادهم وارفادهم.
واذكرني في ذلك المقام الشريف ، الاّ انّما ضيف الكرام يضيف ، عرّض بذكري عندهم عسا هم ان سمعوك سائلوك عنّي.
فصل (٣)
فيما نذكره من فضل العشر الأوّل من ذي الحجّة على سبيل الإجمال
اعلم انّ تعيين الله جلّ جلاله على أوقات معيّنات تذكر فيها جلّ جلاله ، دون ما لا يجري مجراها من الأوقات ، يقتضي ذلك تعظيمها ومصاحبتها بذكره الشّريف بالعقول والقلوب ، وان لا يخلّيها العبد من أذكار نفسه بأنّها حاضرة بين يدي علاّم الغيوب.
وان يلزمها المراقبة التّامّة في حركاته وسكناته ، ويطهّرها من دنس غفلاته ، حيث قد اختارها الله جلّ جلاله لذكره ، وجعلها محلاّ لخزانة سرّه ، وأهلا لتشريفها بتعظيم قدره ، ومنزلا لإطلاق برّه ، ومنهلا (١) للتلذّذ بكأسات شكره.
وهذا عشر ذي الحجّة من جملة تلك الأوقات ، قال الله جلّ جلاله : ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ) (٢).
فرويت بإسنادي إلى جدّي أبي جعفر الطوسي فيما ذكره في المصباح الكبير وغيره
__________________
(١) المنهل : المورد ، المشرب ، موضع الشرب.
(٢) الحج : ٢٨ ، وفيه : « ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ».