فَاسْأَلُكَ انْ تُتِمَّ مَا ابْتَدَأْتَ مِنَ النِّعَمِ الْباطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ ، بِانْ تَجْعَلَنا مِنَ الظَّافِرِينَ فِيهِ بِسَعادَةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، وَكُنْ بِرَحْمَتِكَ الْمُسَيِّرَ لَنا فِي تَقَلُّباتِهِ وَلَحَظاتِهِ بِكَمالِ حَظِّنا مِنْ خَيْراتِهِ وَبَرَكاتِهِ.
وَاحْفَظْنا مِنْ آفاتِهِ وَمَخافَتِهِ ، حَتّى نَكُونَ مِنْ اسْعَدِ مَنْ نَظَرَ الى هِلالِهِ وَبَلَّغْتَهُ مِنْهُ غايَةَ آمالِهِ ، وَابْدَأْ بِكُلِّ مَنْ يُرْضِيكَ الْبَدْأَةَ بِذِكْرِهِ فِي الْمُناجاةِ مِنْ اهْلِ النَّجاةِ ، وَاشْرِكْ مَعَنا اهْلَ الْمُصافاةِ وَالْمُوالاةِ ، وَأَرِنا آياتِ الإِجاباتِ وَالْقَبُولِ فِي جَمِيعِ الْمَأْمُولِ وَالْمَسْؤُولِ ، بِرَحْمَتِكَ يا ارْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
فصل (٣)
فيما نذكره في كيفية الدّخول في هذا الشهر
فأمّا كيفيّة الدّخول في شهر ذي القعدة المعظم في الإسلام ، فعلى نحو ما أشرنا إليه من دخول كلّ شهر حرام ، ونزيد في هذا الشهر على التعيين انّه الشّهر الذي دحاه (١) الله فيه الأرض وهيّأها للعالمين ـ على ما سيأتي شرحه على التفصيل ـ فكأنّه مطيّة قد اهتديت إليك لتوصلك إلى المسكن الجليل والموطن الجميل ، وما يتّصل به من العطاء الجزيل.
فاشكر واهب تلك المطيّة واعرف حقّه وحقّها وما تظفر به من الامنيّة ، فإنّك ترى العقول السّليمة دالّة على تعظيم المطايا إذا وصلت إلى شرف العطايا ، كما قيل :
وإذا المطيّ بنا بلغن محمدا |
|
فلها علينا حرمة وذمام |
بلّغتنا من خير من وطي الحصا |
|
وظهورهنّ على الرّجال حرام |
وليكن حفظك لحرمة هذا الشّهر بالقلب والعقل وحفظ الجوارح ، لتدرك ما فيه من الفضل الرّاجح ، ان شاء الله تعالى.
أقول : وقد ذكرنا انّه شهر موصوف بإجابة الدعوات ، فاغتنم أوقاته وصم فيه صيام الحاجات ، وابدأ بالحوائج المهمات على الترتيب الذي يكون أهم عند من تعرض
__________________
(١) دحى الأرض : بسطها.