الحسين ، وأقبل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع ، فلمّا بصر به النبي صلىاللهعليهوآله قال : يا أبا الحسن ما أشدّ ما أراه بكم ، فانطلق بنا إلى منزل فاطمة.
فانطلقوا إليها وهي في محرابها قد لصق بطنها من شدة الجوع وغارت عيناها ، فلمّا رآها النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : وا غوثاه يا الله أهل بيت محمد يموتون جوعا ، فهبط جبرئيل عليهالسلام على محمد صلىاللهعليهوآله فقال : يا محمد خذ ما هنّاك الله في أهل بيتك ، فقال : ما آخذ يا جبرئيل ، فاقرأه عليه :
« هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ـ الى قوله : إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ـ الى آخر السورة. » (١) أقول : وزاد محمد بن الغزالي على ما ذكره الثعلبي في كتابه المعروف بالبلغة : انّهم عليهمالسلام نزلت عليهم مائدة من السماء فأكلوا منها سبعة أيام.
أقول : وروي حديث نزول المائدة عليهم أيضا موفّق ، أي أحمد المكي الخوارزمي (٢).
أقول : وذكر حديث نزول المائدة الزمخشري في كتاب الكشاف ولكنّه لم يذكر نزولها في الوقت الّذي ذكرناه ، فقال ما هذا لفظه :
وعن النبي صلىاللهعليهوآله انّه جاع في زمن قحط ، فأهدت له فاطمة عليهاالسلام رغيفين وبضعة لحم ، اثرته بها ، فرجع بها إليها فقال : هلمّي يا بنيّة وكشفت عن الطبق ، فإذا هو مملوّ خبزا ولحما ، فبهتت وعلمت انها نزلت من عند الله ، فقال لها صلوات الله عليه : أنّى لك هذا؟ قال : هو من عند الله انّ الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال عليهالسلام : الحمد لله الذي جعلك شبيه سيّدة نساء بني إسرائيل ، ثم جمع رسول الله صلىاللهعليهوآله علي بن أبي طالب والحسن والحسين وجميع أهل بيته حتّى شبعوا وبقي الطعام كما هو وأوسعت فاطمة على جيرانها (٣).
__________________
(١) نقله بتفصيله في الطرائف : ١٠٧ إلى ١٠٩ عن الثعلبي عن ابن عباس.
(٢) المناقب للخوارزمي : ١٨٨.
(٣) الكشاف ١ : ٣٥٨.