ما استلمتك.
فقال له علي عليهالسلام : مه يا أبا حفص لا تفعل فإن رسول الله عليهالسلام لا يستلم إلا لامر قد علمه ولو قرأت القرآن فعلمت من تأويله ما علم غيرك لعلمت أنه يضر وينفع له عينان وشفتان ولسان ذلق يشهد لمن وافاه بالموافاة قال : فقال له عمر : فأوجدني ذلك من كتاب الله يا أبا الحسن؟ فقال علي عليهالسلام : قوله تبارك وتعالى « وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا » فلما أقروا بالطاعة بأنه الرب وهم العباد أخذ عليهم الميثاق إلى بيته الحرام ثم خلق الله رقا أرق من الماء وقال للقلم : اكتب موافاة خلقي بيتي الحرام فكتب القلم موافاة بني آدم في الرق ثم قيل للحجر : افتح فاك قال : ففتحة فألقمه الرق ثم قال للحجر : احفظ واشهد لعبادي بالموافاة فهبط الحجر مطعيا لله ياعمر أوليس إذا استلمت الحجر قلت : أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة؟! فقال عمر : اللهم نعم فقال له علي عليهالسلام : أمن ذلك (١).
٣٠ ـ الهداية : ثم تأتي الحجر الاسود فتقبله أو تستلمه أو تومي إليه فانه لابد من ذلك (٢).
قال صلىاللهعليهوآله : الحجر يمين الله فمن شاء صافحه لها وهذا القول مجاز و المراد أن الحجر جهة من جهات القرب إلى الله تعالى فمن استلمه وباشره قرب من طاعته تعالى فكان كاللاصق بها والمباشر لها فأقام عليهالسلام اليمين ههنا مقام الطاعة التي يتقرب بها إلى الله سبحانه على طريق المجاز والاتساع لان من عادة العرب إذا أراد أحد هما التقرب من صاحبه وفضل الانسة لمخالطته أن يصافحه بكفه وتعلق يده بيده وقد علمنا في القديم تعالى أن الدنو يستحيل على ذاته فيجب أن يكون ذلك دنوا من طاعته ومرضاته ولما جاء عليهالسلام يذكر اليمين أتبعه بذكر
__________________
(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٣٨ والاية في سورة الاعراف ١٧٢.
(٢) الهداية ص ٥٨ بتفاوت يسير.