إذا عرفت ذلك : فاعلم ثانيا ان الزائد فيهم عليهمالسلام كالناقص منهم عليهمالسلام واحدا في أصل ثبوت الكفر الحقيقي الباطني ، واشتراك كلّ من كان على خلاف الحقّ في الضلالة والبطلان ، ولكن المتأمّل في آيات كثيرة والاخبار المتظافرة ، يجد انّ العذاب الموعود ، والعقاب المعهود ، لمن أنكر وجحد ، وتولّى وعند ، وكذب وأصرّ ، وأدبر واستكبر ، وان من عرفهم عليهمالسلام وأقرّ بهم وصدّقهم ، أو جهلهم أو بعضهم ، من غير إنكار وتكذيب وعداوة يرجى له الرحمة والمغفرة وان تولى غير مواليه.
وفي تفسير علي بن إبراهيم في الصحيح : عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليهالسلام قال ، قلت : جعلت فداك ، ما حال الموحدين المقرّين بنبوّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم امام ولا يعرفون ولايتكم؟ فقال عليهالسلام : أمّا هؤلاء فإنّهم في حفرهم لا يخرجون منها ، فمن كان له عمل صالح لم تظهر منه عداوة فإنه يخدّ له خدّا إلى الجنّة التي خلقها الله تعالى بالمغرب فيدخل عليه الروح في حفرته الى يوم القيامة حتى يلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيآته ، فإمّا الى الجنّة وامّا الى النار ، فهؤلاء من الموقوفين لا مر الله.
قال عليهالسلام : وكذلك يفعل بالمستضعفين ، والبله ، والأطفال ، وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم ، وأمّا النصاب من أهل القبلة ، فإنّهم يخدّ لهم خدّا الى النار التي خلقها الله بالمشرق تدخل عليهم منها اللهب ، والشرر ، والدخان ، وفورة الجحيم الى يوم القيامة ، ثم بعد ذلك مصيرهم الى الجحيم ، (... ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ. ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ. مِنْ دُونِ اللهِ ...) (١) اي اين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله
__________________
(١) غافر ٤٠ : ٧٢ ـ ٧٤.