فليتأمّل المنصف في هذه الاخبار الناصّة على إن المعلّى من خاصّته عليهالسلام وأصحابه عليهالسلام ومن أعداء بني الحسن ، وإنّهم كانوا يؤذونه لاتصاله به عليهالسلام ، وإنّه كان مطلعا على فساد معتقدهم وراويا له ، وإنه كان معه عليهالسلام ومن خدمه قبل ظهور بني العباس الى أن قتل ، وكان ظهور محمّد بعدهم وقد صدر منه بالنسبة الى أبي عبد الله عليهالسلام من الشتم والإهانة والحبس ما هو مسطور في الكافي (١) وغيره ، ومع ذلك يكون خادمه القيّم على عياله من دعاة محمّد ومعينة ، هذا ممّا تضحك منه الثكلى.
ومن هنا يظهر كذب نسبة المغيريّة إليه أيضا فإنّهم من اتباع محمّد كما نصّ عليه الشيخ الأقدم أبو محمّد الحسن بن موسى النوبختي في كتاب الفرق والمقالات ، فقال بعد ذكر فرق الزيدية : وامّا المغيريّة أصحاب المغيرة بن سعيد فإنّهم نزلوا معهم الى [القول بإمامة] محمّد بن عبد الله بن الحسن وتولّوه وأثبتوا إمامته ، فلمّا قتل صاروا لا امام لهم ولا وصي ، ولا يثبّتون لأحد امامة بعده ـ الى ان قال ـ : ونصب بعض أصحاب المغيرة المغيرة اماما وزعم ان الحسين بن علي (عليهما السّلام) اوصى اليه ، ثم اوصى اليه علي بن الحسين عليهماالسلام ، ثم زعم ان أبا جعفر محمّد بن علي عليه وعلى آبائه السلام اوصى اليه فهو الإمام الى أن يخرج المهدي ، وأنكروا امامة أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، فقالوا : لا امامة في بني علي بن أبي طالب عليهالسلام بعد أبي جعفر محمّد بن علي عليهماالسلام ، وإنّ الإمامة في المغيرة بن سعيد الى خروج المهدي ، وهو عندهم محمّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن عليهالسلام ، وهو حيّ لم يمت ولم يقتل ، فسمّوا هؤلاء المغيريّة باسم المغيرة بن سعيد مولى خالد بن عبد الله القسري.
__________________
(١) الكافي ٨ : ٣٣١ / ٥٠٩ ، من الروضة.