ثم تراقى الأمر بالمغيرة الى أن زعم أنّه رسول نبيّ ، وأن جبرئيل يأتيه بالوحي من عند الله ، فأخذه خالد بن عبد الله القسري ، فسأله عن ذلك ، فأقرّ به ، ودعى خالد اليه ، فاستتابه خالد ، فأبى ان يرجع عن قوله ، فقتله وصلبه ، وكان يدّعي أنه يحيي الموتى ، وقال بالتناسخ ، وكذلك قول أصحابه إلى اليوم ، انتهى (١).
وإذ ثبت فساد مقالة الغضائري في المقامين يظهر لك فساد مقالته الثالثة ، وهي قوله : وفي هذه الظنّة. إلى آخره ، مضافا إلى صريح الأخبار السابقة من انّ السبب (٢) طلبه من المعلّى ثبت أسماء شيعة أبي عبد الله عليهالسلام ومحبّيه وآبائه عن ذلك.
وامّا قوله : والغلاة يضيفون. إلى آخره ، فجوابه عدم ثبوت قدح له في ذلك بعد الحكم بكذبهم ، فإنّهم يضيفون الى أمير المؤمنين عليهالسلام أيضا ما لا يجوّزه المسلم وكذا الى بعض الأئمة عليهمالسلام ، هذا إن أراد من الغلاة الصنف المعروف الذي شرحناه في ترجمة سهل (٣) ، وإن أراد غلاة القميين ، فينبغي عدّه في أسباب مدحه بل جلالته وعلوّ مقامه.
ومن جميع ذلك صحّ لنا ان نقول ـ بعد قوله : ولا ارى ان الاعتماد على شيء من حديثه ـ خلافا لأبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، حيث اعتمد عليه في سنين عديدة في إنجاح مآربه ومصارف عياله وإرساله إلى أصحابه وإرسال أصحابه عليهالسلام إيّاه اليه ، وخلافا له عليهالسلام في عدّه من شيعته وأنسه عليهالسلام به ومحبّته له وجوابه عن كل ما كان يسأله.
__________________
(١) فرق الشيعة : ٥٩ ـ ٦٣ ، وما بين المعقوفتين منه.
(٢) اي : ان السبب في استدعائه ثم قتله من قبل داود بن علي هو طلبه من المعلى. إلى آخره.
(٣) تقدم في الرقم : ٣٠٥.