يعرفهم الحسين وأهل بيته ، ثمّ أرسل رُسلاً ، وقال لهم : «لا تدعوا أحداً حجّ العام من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله المعروفين بالصّلاح والنّسك إلاّ اجمعوهم لي».
فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمئة رجل وهم في سرادق ، عامّتهم من التابعين ، ونحو من مئتي رجل من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقام فيهم خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : «أمّا بعد ، فإنّ هذا الطاغية ـ يعني معاوية ـ قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم ، وإنّي اُريد أن أسألكم عن شيء ، فإن صدقت فصدّقوني ، وإن كذبتُ فكذّبوني. اسمعوا مقالتي واكتموا قولي ، ثمّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ؛ فمَنْ أمنتم من النّاس ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون ؛ فإنّي أخاف أن يندرس هذا الحقّ ويذهب ، والله متمّ نوره ولو كره الكافرون».
قال الراوي : فما ترك الحسين شيئاً ممّا أنزل الله فيهم إلاّ تلاه وفسّره ، ولا شيئاً ممّا قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله في أبيه وأخيه واُمّه وفي نفسه وأهل بيته إلاّ رواه ، وفي كلّ ذلك يقول أصحابه : اللّهمّ نعم ، قد سمعنا وشهدنا. وممّا ناشدهم عليهالسلام أن قال :
«اُنشدكم الله ، أتعلمون أنّ عليّ بن أبي طالب كان أخا رسول الله حين آخى بين أصحابه فآخى بينه وبين نفسه ، وقال : أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة؟ قالوا : اللّهمّ نعم. قال : اُنشدكم الله ، هل تعلمون أنّ رسول الله اشترى موضع مسجده ومنازله فابتناه ، ثمّ ابتنى فيه عشرة منازل تسعة له ، وجعل عاشرها في وسطها لأبي ، ثمّ سدّ كلّ باب شارع إلى المسجد غير بابه ، فتكلّم في ذلك مَنْ تكلّم ، فقال : ما أنا سددتُ أبوابكم وفتحت بابه ، ولكنّ الله أمرني بسدّ أبوابكم وفتح بابه ، ثمّ نهى النّاس أن يناموا في المسجد غيره ، وكان يجنب في المسجد ومنزله في منزل رسول الله ، فولد لرسول الله وله فيه أولاد؟ قالوا : اللّهمّ نعم. قال : أفتعلمون أنّ عمر بن الخطاب حرص على كوة قدر عينه يدعها في منزله إلى المسجد فأبى