ثمّ قرأ عليه كتاب يزيد وما أمره فيه من أخذ البيعة منه له. فقال الحسين عليهالسلام : «إنّي لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرّاً حتّى اُبايعه جهراً».
فقال الوليد : أجل، فقال الحسين عليهالسلام : «فتصبح وترى رأيك في ذلك»، فقال له الوليد : انصرف على اسم الله تعالى حتّى تأتينا مع جماعة النّاس. فقال له مروان : والله لئن فارقك الحسين السّاعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه ، احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتّى يبايع أو تضرب عنقه. فوثب الحسين عليهالسلام عند ذلك وقال : «أنت يابن الزرقاء تقتلني أم هو؟! كذبت والله وأثمت». وخرج يمشي ومعه مواليه حتّى أتى منزله.
فقال مروان للوليد : عصيتني! لا والله لا يمكّنك مثلها من نفسه أبداً. فقال له الوليد : ويح غيرك يا مروان! إنّك اخترت لي التي فيها هلاك ديني. والله ، ما اُحبّ أنّ لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وإنّي قتلت حسيناً. سبحان الله! أقتل حسيناً لمّا أن قال : لا اُبايع؟ والله ، إنّي لأظنّ امرأً يحاسبُ بدم الحسين خفيف الميزان عند الله يوم القيامة (١).
وثمّة روايات أفادت بأنّ النقاش قد احتدم بين الإمام عليهالسلام وبين مروان حتّى أعلن عليهالسلام رأيه لمروان بصراحة ، قائلاً : «إنّا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومحلّ الرحمة ، بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق ، شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ، ولكن نصبح وتصبحون ، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة» (٢).
__________________
(١) الإرشاد ٢ / ٣٣ ـ ٣٤.
(٢) مقتل الحسين ـ للمقرّم / ١٤٤ ، وإعلام الورى ١ / ٤٣٥.