بيده ، متّخذاً من التظاهر بالدين ستراً يُغطّي جرائمه الأخلاقية واللإنسانيّة ، والتي منها فتكه بخيار المسلمين ، ومخادعة عوام النّاس في مجاراته لعواطفهم ومعتقداتهم ، وهو يحمل حقداً لا ينقطع على الإسلام والرسول صلىاللهعليهوآله (١).
وقد تمكّن معاوية من القضاء على المعارضين له من دون اللجوء إلى القتال والحرب ، فهو الذي اغتال الإمام الحسن عليهالسلام ، وسعد بن أبي وقّاص (٢) ، وقضى على عبد الرحمن بن خالد (٣) ، ومن قبله على مالك الأشتر ، وقد أوجز اُسلوبه هذا في كلمته المشهورة : «إنّ لله جنوداً منها العسل» (٤).
كما إنّ معاوية كان يضع كلّ مَنْ يلمس منه أيّة معارضة أو تحرّك تحت مجهر المراقبة والإرصاد ، فتُرفع إليه التقارير عن كلّ ما يحدث فيستعجل في القضاء عليه.
في مثل هذا الاُسلوب ـ أي التصرّف تحت ستار الإسلام ـ لو قام الإمام الحسين عليهالسلام بحركة واسعة ، ونشاط سياسي بعد وفاة الإمام الحسن عليهالسلام مباشرةً لما كان قادراً على فضح معاوية ، وإقناع كلّ الجماهير بشرعيّة ثورته ، ولكان معاوية متمكّناً من القضاء عليه من دون ضجيج ، وعندها كانت الثورة تموت في مهدها ، وتضيع جهود كبيرة كان من شأنها أن تبني في الاُمّة تيّاراً واعياً ، ويختنق الصوت الذي كان في مقدوره أن يبقى مدوّياً في تأريخ الإنسانيّة كما حصل في واقعة الطفّ.
وما كان الإمام الحسين عليهالسلام ليتمكّن من توضيح كلّ أهدافه وغاياته من الثورة (٥) ، المتمثّلة في إنقاذ الاُمّة من الظلم ، وصيانة الرسالة
__________________
(١) شرح النهج ـ لابن أبي الحديد ٢ / ٣٥٧.
(٢) مقاتل الطالبيين / ٢٩ ، ومختصر تأريخ العرب / ٦٢.
(٣) التمدن الإسلامي ـ لجرجي زيدان ٤ / ٧١.
(٤) عيون الأخبار ١ / ٢٠١.
(٥) للتفصيل راجع ثورة الحسين ، ظروفها الاجتماعية وآثارها النفسية / ١٢٢.