ثمّ لا يكن أمركم عليكم غُمَّةً ، ثمّ اْقضوا إليَّ ولا تُنظِرونِ (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) ثمّ حمد الله وأثنى عليه ، وذكر الله تعالى بما هو أهله ، وصلّى على النبيّ صلىاللهعليهوآله وعلى ملائكته وأنبيائه ، فَلَمْ يُسْمَعْ متكلمٌ قطّ قبلَه ولا بعدَه أبلغُ في منطق منه. ثمّ قال : «أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا مَنْ أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي وانتهاكُ حُرمتي؟! ألَسْتُ ابنَ بنتِ نبيّكم وابنَ وصيِّه وابن عمّه ، وأوّل المؤمنين المصدّق لرسول الله صلىاللهعليهوآله بما جاء به من عند ربّه؟! أوَ ليس حمزةُ سيدُ الشهداء عمّي؟ أوَ ليس جعفر الطيار في الجّنة بجناحين عَمّي؟! أو لم يبلغكم ما قال رسولُ الله صلىاللهعليهوآله لي ولأخي : هذانِ سيّدا شباب أهل الجّنة؟ فإنْ صدقتموني بما أقول ـ وهو الحق ـ فوالله ما تعمدتُ كذباً منذ علمت أن الله يَمْقُتُ عليه أهله ، وإنْ كذبتموني فإنَّ فيكم مَنْ إذا سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبا سعيد الخِدْري ، وسهل بنَ سعد السّاعدي ، وزيد بن أرقم ، وأنسَ بن مالك يخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلىاللهعليهوآله لي ولأخي ، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟! ثمّ قال لهم الإمام الحسين عليهالسلام : «فإن كنتم في شكّ من هذا فتشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم؟! فوالله ليس ما بين المشرق والمغرب ابنُ بنتِ نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم. ويحكم! أتطلبونني بقتيل منكم قَتَلْتُه ، أو مال لكم استهلكته ، أو بقصاص جراحة؟! فأخذوا لا يكلمونه ، فنادى : «يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا يزيد بن الحارث ، ألَمْ تكتبوا إليَّ أنْ قد أينعت الثمار ، واْخضرّ الجَنابُ ، وإنما تقدِم على جند لك مجندة؟!». فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ، ولكن اِنزل على حكم بني عمّك. فقال له الحسين عليهالسلام : «لا والله ، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أفرُّ فِرار العبيد». ثمّ نادى : «يا عبادَ الله ، إنّي عذْتُ بربّي ورَبِّكم أنْ ترجمُونِ. أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبر