بعث لعدّة شخصيات بهدايا ، فقال متنبّئاً : أمّا الحسين فيبدأ بأيتام مَنْ قُتل مع أبيه بصفّين ، فإن بقي شيء نحر به الجزور وسقى به اللبن (١).
وفي موقف مفعم باللّطف والإنسانيّة والحنان جعل العتق ردّاً للتحية ، فقد روى عن أنس أنّه قال :
كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان فحيّته بها ، فقال لها : «أنتِ حرّة لوجه الله تعالى».
وانبهر أنس وقال : جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها؟! فقال عليهالسلام : «كذا أدّبنا الله ، قال تبارك وتعالى : (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) ، وكان أحسن منها عتقها» (٢).
ومن كرمه وعفوه أنّه وقف عليهالسلام ليقضي دين اُسامة بن زيد ، وليفرّج عن همّه الذي كان قد اعتراه وهو في مرضه (٣) ، رغم أنّ اُسامة كان قد وقف في الصفّ المناوئ لأبيه أمير المؤمنين عليهالسلام.
ووقف ذات مرّة سائل على باب الحسين عليهالسلام وأنشد قائلاً :
لم يخب الآن مَنْ رجاك |
|
حرّك من دون بابك الحلقة |
أنت جوادٌ وأنت معتمدٌ |
|
أبوك قد كان قاتل الفسقة |
فأسرع إليه الإمام الحسين عليهالسلام وما أن وجد أثر الفاقة عليه حتّى نادى بقنبر ، وقال متسائلاً : «ما تبقّى من نفقتنا؟». قال : مئتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك.
فقال عليهالسلام : «هاتها فقد أتى مَنْ هو أحقّ بها منهم». فأخذها ودفعها إلى السائل معتذراً منه ، وأنشد قائلاً :
خذها فإنّي إليك معتذرٌ |
|
واعلم بأنّي عليك ذو شفقة |
لو كان في سيرنا الغداة عصاً |
|
أمست سمانا عليك مندفقة |
__________________
(١) حياة الإمام الحسين ١ / ١٢٨ عن عيون الأخبار.
(٢) كشف الغمّة ٢ / ٣١ ، والفصول المهمّة / ١٦٧.
(٣) بحار الأنوار ٤٤ / ١٨٩ ، ومناقب آل أبي طالب ٤ / ٦٥.