بين يدي الجبّار مقام العارف المتيقّن والعالم العابد ، فإذا توضّأ تغيّر لونه وارتعدت مفاصله ، فقيل له في ذلك فقال عليهالسلام : «حقّ لمَنْ وقف بين يدي الجبّار أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله» (١).
وحرص عليهالسلام على أداء الصّلاة في أحرج المواقف ، حتّى وقف يؤدّي صلاة الظهر في قمّة الملحمة في اليوم العاشر من المحرّم (٢) وجيوش الضلالة تحيط به من كلّ جانب وترميه من كلّ صوب.
وكان عليهالسلام يخرج متذلّلاً لله ساعياً إلى بيته الحرام يؤدّي مناسك الحجّ بخشوع وتواضع ، حتّى حجّ خمساً وعشرين حجّة ماشياً على قدميه (٣).
وقد اشتهرت بين محدّثي الشيعة ومختلف طبقاتهم مواقفه الخاشعة في عرفات أيّام موسم الحجّ ، ومناجاته الطويلة لربّه وهو واقف على قدميه في ميسرة الجبل والناس حوله.
لقد كان عليهالسلام كثير البرّ والصدقة ، فقد روي أنّه ورث أرضاً وأشياء فتصدّق بها قبل أن يقبضها ، وكان يحمل الطعام في غلس الليل إلى مساكين أهل المدينة ، لم يبتغ بذلك إلاّ الأجر من الله والتقرب إليه (٤).
__________________
(١) جامع الأخبار / ٧٦ ، وراجع إحقاق الحقّ ١١ / ٤٢٢.
(٢) ينابيع المودّة / ٤١٠ ، ومقتل الحسين ـ للخوارزمي ٢ / ١٧.
(٣) سير أعلام النبلاء ٣ / ١٩٣ ، ومجمع الزوائد ٩ / ٢٠١.
(٤) حياة الإمام الحسين عليهالسلام ١ / ١٣٥.